الكفاءة المهنية
تعرف الكفاءة بصفة عامة بأنها: مهارة مركبة أو أنماط سلوكية أو معارف تظهر في سلوك المعلم من تصور واضح ومحدد لنواتج التعلم المرغوب (Hall & Jones,1976,67)
كما عرفتها كي ( Kay,1981) بأنها أهداف سلوكية محددة تصف جميع المعارف والمهارات والاتجاهات التي يعتقد أنها ضرورية للمعلم ليصبح أكثر فاعلية مع طلابه (في: نشوان والشعوان،1990، 104)
ويعرفها حمزاوي (1989،461) بأنها القدرة على ممارسة عمل أو مهنة أو مجموعة من الأعمال نتيجة بعض العناصر مثل: المؤهل، والخبرة العلمية الناتجة عن ممارسة فنية وتطبيقية لمدة تكفي للحصول على هذه الخبرة والقيام ببحوث علمية ونشر نتائجها.
وفي تعريف مكتب التربية العربي لدول الخليج (1989) الكفاءة: هي القدرة على القيام بالأعمال التي تتطلبها مهمة من المهام، أو هي القدرة على ممارسة الأعمال التي تتطلبها وظيفة من الوظائف.(في: الخياط وذياب،1996، 30).
ويعرفها بنجر (1993) بأنها قدرة المعلم التي تمكنه من أداء سلوك معين يرتبط بما يقوم به من مهام تربوية وتعليمية في التدريس بحيث تشمل المعارف والمهارات والاتجاهات المرتبطة بالتدريس وتؤدى بمستوى كامل ينعكس أثره على سلوك الطلاب بشكل يمكن ملاحظته في سلوك وأداء المعلم.
ومن ثمّ فالكفاءة المهنية في الدراسة الحالية تشير إلى: مجموعة القدرات وما يسفر عنها من المعارف والمهارات والاتجاهات التي يمتلكها ويمارسها الأستاذ الجامعي وتمكنه من أداء عمله وأدواره ومسؤولياته، ويلاحظها ويقيمها طلابه، ويمكن أن يكون لها تأثير مباشر أو غير مباشر على العملية التعليمية.
الأستاذ الجامعي: يحدد في هذه الدراسة بأنه كل من يقوم بالتدريس للمقررات الأكاديمية أو مقررات الإعداد التربوي وحاصل على درجة الدكتوراه.
الإطار النظري للدراسة:
مما هو جدير بالذكر أن من أحدث برامج واستراتيجيات إعداد المعلم في معاهد وكليات إعداد المعلمين برامج الإعداد على أساس الكفاءة لتضمن إعداد المعلم الكفء. وأهم ما يميز تلك البرامج ما يلي:
- اتباعها خطة منهجية في تحديد الكفاءات ووضع البرامج للتدريب عليها.
- إن معيار سرعة ونمو الطالب المعلم يتضح من ظهور الكفاءات المطلوبة في سلوكه وليس بالوقت المخصص لها.
- تنمي قدرات وكفاءات خاصة لدى الطالب المعلم مما يؤدي إلى انعكاس معارفه انعكاساً وظيفياً على أدائه.
- تقترب بالطالب المعلم إلى أقصى درجة تمكنه من متطلبات عمله الميداني وذلك من حيث المستوى الأكاديمي والمهارة في الأداء.
- تركز على العديد من الاتجاهات التربوية والنفسية المعاصرة في مجالات التربية وعلم النفس والتي من أهمها التعلم من أجل الإتقان Mastery Learning والتعلم بالتعزيز للسلوك، والتعلم الذاتي Self Learning .
- تطبق وتستخدم أهم الاتجاهات المعمول بها في مجال تكنولوجيا التعليم والتي من أبرزها أسلوب تحليل النظم، وأسلوب تحليل التفاعل، نماذج الوحدات والرزم التعليمية، نظام التدريس المصغر، نظام العقول الإلكترونية.
- تستفيد هذه البرامج من استراتيجيات التقويم المتطورة مثل التقويم القبلي والتقويم البنائي والتشخيصي (Harison,1977, ).
تحديد الكفاءات المهنية للمعلم وقياسها
استخلص جامع وآخرون (1989، 68) من خلال استعراضهم لدراسات سابقة أربعة مداخل لتحديد كفاءات المعلم المهنية وهي :
أ- تحليل عملية التدريس عن طريق اتباع أسلوب تحليل النظم: وهو أسلوب يقوم على أساس تحديد الأهداف العامة والسلوكية للعملية التدريسية، وتحليل أبعاد الكفاءات التي ينبغي على المعلم اكتسابها، وتوضيح أنواع وأبعاد المهارات والاتجاهات والأنشـــــــطة التي تحقق تلك الأهداف. بالإضافة إلى الأخذ بمبدأ التقويم المســــتمر والمتابعة وإدخال التعديلات اللازمة على الأهداف والأنشـــــــطة كلما كان ذلك ممكناً. ومن خلال ذلك يمكن إعــداد قوائم الكفـــاءات المهنية اللازمة لتحقيق تلك الأهداف. ويتفق هذا الأسلوب مع تعريف التقويم التربوي بأنه عملية إصدار أحكام تقويمية على مدى تحقيق الأهداف التربوية وتحديد الآثار التي تحدثها مختلف العوامل والظروف في الوصول إلى هذه الأهداف أو تعويقها ( أبو حطب وصادق،1990).
ب- استخلاص الكفاءات المهنية عن طريق ملاحظة سلوك معلمين أكفاء: وذلك في أثناء قيامهم بالتدريس واستخلاص الأنماط السلوكية المميزة لطرقهم في التدريس بهدف إعداد برامج تتضمن هذه الأنماط ليتدرب عليها المعلمون الجدد.
ج- الاعتماد على نتائج البحوث التي أجريت على عمليات التعليم والتعلم: وذلك من خلال استخلاص العوامل التي أشارت إليها الدراسات على أنها تؤثر تأثيراً إيجابيًّا على تحقيق الأهداف وطرق التفاعل والأنماط السلوكية التي يتعامل بها المعلم مع طلابه وتزيد من إقبالهم على التعلم وتزيد تحصيلهم الدراسي. ومن ثم تضمينها برامج إعداد المعلمين.
د- التعرف على آراء المهتمين بالتربية من معلمين وموجهين ومتخصصين: وذلك بهدف التعرف على الكفاءات المهنية اللازمة لإعداد المعلم " المعارف والمهارات الضرورية للتدريس". ولقد تم التوصل من خلال ذلك المدخل إلى العديد من القوائم للكفاءات المهنية اللازمة للمعلم.
إلا أن لكل اتجاه مزاياه وعيوبه والأخذ بأي منها منفرداً في تحديد الكفاءات المهنية اللازمة للنجاح في عملية التدريس يوقع الباحثين في خطأ واضح.
ويحدد ميدلي ((Medily,1987,174 ثلاثة معايير رئيسية لتقدير كفاءة المعلم وهي؛ الاول تقدير الكفاءة بناء على مخرجات التعلم ؛ الثاني هو تقدير الكفاءة بناء على سلوك المعلم ؛ أما المعيارالثالث فهو تقدير الكفاءة بناء على سلوك المتعلم. فإذا كان المعيار الأول يهتم بالإنتاجية ويرى في تعلم الطلاب مؤشراً صادقا لأداء المعلمين ودليلاً على كفاءتهم. إلا أن هذا المعيـــــــــار يواجه بالعديد من الصعوبــات منها ؛ إن نمو التلاميذ في المجـالات المختلفة عملية مســـــــــــــتمرة وترتبط بعوامل كثيرة قد لا يكون للمعلم تأثير فيها إلا بقدر ضئيل، هذا بالإضافة إلى صعوبة فصلها عن الجوانب المتعلقة بتأثير المعلم، كما أن الأساليب التي يتم بها توزيع الطلاب على الفصول هي في الأغلب الأعم أساليب عشوائية، فمن الممكن أن يتجمع الطلبة الممتازون في فصل واحد والطلبة الضعاف في فصل واحد، ومن ثم يكون الحكم على المعلم استناداً على تحصيل التلاميذ حكمًا وتقويمًا غير منصف، كما انه من المعلوم إن جل الأهداف التربوية من المدرسة تنصب على التحصيل الدراسي للمتعلمين، ومن الخطورة وعدم الإنصاف أن نحدد ونقوم كفاءة المعلم المهنية بناءً على جانب واحد فقط من جوانب العملية التعليمية، فضلا عن أن الاختبارات التحصيلية المستخدمة لقياس الناتج التعليمي لدى المتعلمين يشوبها الكثير من القصور من حيث ثباتها وشموليتها وصدقها . (الشيخ وآخرون، 1989، 93- 97 (Medily,1987,174)
أما المعيار الثاني والخاص بسلوك المعلم فهو يعتبر المعيار السائد في كثير من الأنظمة التربوية، باستخدام التقارير عن كل من يلاحظ المعلم بالفصل المدرسي وخارجه. ويستخدم هذا المعيار عدداً من أساليب التقويم مثل مقاييس التقدير وقوائم ملاحظة الكفاءات المهنية للمعلم داخل الفصل المدرسي وتفاعله اللفظي وغير اللفظى مع الطلاب؛ وقد يحقق هذا المعيار عدداً من الفوائد منها إن التقويم يجري كعملية تشخيصية فإذا كان تقويم المعلم منخفضاً فإن النتائج تشير إلى ما يعرقل أداء المعلم أو إخفاقه في عمله. كما أن نشاطات التقويم تأتي بأسلوب زمني دقيق وملائم لتقويم أداء المعلم، كما أن هذا المعيار يعزز أسلوب التقويم الذاتي للمعلم ويؤكد فلسفة تفريد عملية التعلم في المواقف التعليمية المختلفة، ويقوم المعلم وفق مقتضيات الموقف الذي يمارسه. ( حمزاوي، 1989، 461، (Medily,1987,175
ويلاحظ أن المعيار الثالث الخاص بسلوك المتعلم يمثل أكثر الاتجاهات حداثة وقبولا لدى جمهور التربويين والمعلمين. حيث يتم تقويم كفاءة المعلم بمدي نجاحه في جعل المتعلم يقضي وقتاً أكبر في ممارسة الأنشطة الصفية واللاصفية، والتي يكتسب من خلالها المعارف والمهارات والخبرات التعليمية، أي تطبيق الخبرات التعليمية في حينه، وهو ما يطلق عليه Acadimic Learning timely، وهذا المعيار يقوم المعلم في ضوء قدرته على تهيئة البيئة التعليمية المحفزة على التعلم. (Medily,1987,175)
ويشير كولت (Kult,1975,11-13) إلى بعض الإجراءات المرتبطة بتقدير الطلاب لكفاءات أساتذتهم والتي من أبرزها:
1- مناقشة عملية التقويم مع الطلاب قبل تطبيقها من حيث أهميتها وجدواها للأستاذ والطالب.
2- إن هذه العملية لابد وأن تتم بطريقة سرية وهذا يعني عدم حضور عضو هيئة التدريس صاحب المقرر المراد تقويمه في أثناء عملية التقويم، كما أن الطلاب يجب أن يدركوا أن تقديراتهم الدراسية لن تتأثر بعملية التقويم.
3- ضرورة توفير الوقت الملائم لعملية التقويم.
4- الترحيب والتشجيع من قبل أعضاء هيئة التدريس للطلاب بعد الانتهاء من عملية التقويم .
ولا شك أن مثل هذه الإجراءات ستدعم عملية تقويم الطلاب لأساتذتهم مما ينعكس إيجابيًّا على العملية التعليمية.
ولقد تناولت الدراسات السابقة عملية التدريس من عدة اتجاهات، كل منها قام بالتركيز على عنصر أو أكثر من العناصر المحددة لها، وفيما يلي أهم العناصر الواردة في تلك الدراسات:
أولاً: خصائص المعلم الناجح Successful Teacher Characteristics
لكي يقوم المعلم بدوره لابد من معيار نحدده للطلاب لتقويمه، ومن أسهل المعايير تحديدا هي الخصائص التي يجب أن يتحلى بها المعلم. ويمكن استخلاص تلك الخصائص من التراث السيكولوجي والدراسات التي أجريت في هذا المجال ومنها:-
ما أكدته دراسة برلينر (Berliner,1994) التي أجريت في مجال التركيز على خصائص المعلم على أن المعلم يجب أن يتحلى بالمرونة المعرفية، والميل إلى الفكاهة، وطريقة تدريس ملائمة، وتمكن من مادته التي يقوم بتدريسها وكيفية تناولها أو عرضها.
واتفق طلاب الجامعة على وصف الأستاذ الجامعي الناجح بأنه المعلم الذي يبسط المادة كلها ليسهل استيعابها، ولا يعطي الطالب واجبات أكثر من طاقته. إلا أنهم اختلفوا حول المعلم الذي يعطى أو لا يعطي الطالب أكثر مما يستحق من الدرجات. كما أشارت الغالبية العظمى من الطلاب بأن المعلم الناجح هو الذي يلاقي طلابه بوجه طلق، أو الذي يعاملهم معاملة حسنة، ويستطيع المحافظة على النظام داخل الفصل مستخدما كافة الوسائل الممكنة، ويهتم بمشكلات الطالب الشخصية والتي تؤثر على دراسته ويحاول توجيهه فيها( القاضي،1987، 95).
وحددت دراسة عبد الفتاح (1994) خصائص الأستاذ الجامعي كمعلم ناجح فيما يلي:
1- الخصائص المهنية: وتتمثل في: التمكن العلمي، المهارة التدريسية، عدالة التقويم ودقته، الالتزام بالمواعيد، التفاعل الصفي مع الطلاب، مناقشة أخطاء الطلاب دون تأنيبهم أو إحراجهم.
2- الخصائص الانفعالية: وتتمثل في،: الاتزان الانفعالي، حسن التصرف في المواقف الحساسة، الثقة بالنفس، الاكتفاء الذاتي، الموضوعية، الدافعية للعمل والإنجاز، المرونة التلقائية وعدم الجمود.
3- الخصائص الاجتماعية: وتتمثل في: النظام والدقة في الأفعال والأقوال، العلاقات الإنسانية الطيبة (التواضع – الصداقة – الروح الديموقراطية) القيادة، التعاون، التمسك بالقيم الدينية والخلقية والتقاليد الجامعية، المظهر اللائق، روح المرح والبشاشة.
ولقد اتفقت دراسة كل من أحمد(1991)، ودراسة السهلاوي(1992) ودراسة زيتون(1995) ودراسة سلامة وفلاح( 1992) ودراسة الشامي (1995) ودراسة ليلي (Lily,1997) ودراسة فيرشيلد وآخرين ( Fairchild, Et al., 1997) على عدد من الخصائص التي يجب توافرها للمعلم وتساعد في تقويمه من قبل طلابه وهي:
- مدى احترامه للطلاب بتوجيههم وإرشادهم أكاديميًّا
- مدى تمكنه من المادة الدراسية التي يقدمها.
- مدى اهتمامه بتنمية التفكير المنطقي والابتكار لدى طلابه.
- مدى اتباعه لأسلوب التدريس الشائق لتوصيل المعلومة لطلابه.
- مدى حماسه للتدريس.
- مدى تواصله الفعال مع طلابه.
- مدى بشاشته ومرحه وثقته بنفسه.
وعلى الرغم من اتفاق معظم الباحثين على مثل هذه الخصائص إلا أنهم لم يتفقوا على ترتيبها أو الوزن النسبي لإسهام كل منها في الكفاءة التدريسية للمعلم. ومن الملاحظ أن بعض المعلمين أكثر حماسا من غيرهم، فقد وجدت بعض الدراسات أن معدل حماس المعلمين يرتبط بمستويات نجاح الطلاب في دراستهم، فالدفء والصداقة والتفاهم من أكثر الخصائص التي ترتبط ارتباطاً قويًّا بميول الطلاب.
والمعلمون الذين يتصفون بالدفء والود في تعاملهم مع الطلاب يحظون بحب الطلاب، وينعكس ذلك على حب الطلاب للدراسة بوجه عام (Woolfolk,1998) كما أن فاعلية المعلم واستعداده الأكاديمي والمناخ المنظم والمتكامل داخل مدرسته يزيد من كفاءة المعلم الشخصية والعامة (Coladaxci,1992).
ومن خصائص المعلم الناجح أيضا التنوع في أساليب عرض المادة العلمية أفقيًّا ورأسيًّا حيث يواجه المعلمون مدى واسعاً من التنوع والتباين لدى الطلاب، فيجد المعلم أمامه أفراداً مختلفين في خصائصهم العقلية والانفعالية، مما ينتج مدى واسعاً من الفروق الفردية والاختلافات بين الأفراد. وهذا التباين والاختلاف يظهر في:
- تباين أداء الأفراد على النشاط الواحد من وقت لآخر.
- تباين نشاط الفرد من نشاط لآخر.
- تباين أداءات الذكور عن أداءات الإناث على النشاط الواحد ( الزيات، 1995).
وهذا الاختلاف يجعل المعلمين يجاهدون في سبيل ملاءمة أو تكييف أنشطة التعلم لكل المتعلمين بقدر استطاعتهم. ومما يزيد الأمر تعقيدا وصعوبة أمام المعلمين، أن ذلك التباين بين الطلاب يزيد من مظاهره التباين الثقافي والمستوى الاقتصادي والاجتماعي للطلاب.
ثانياً: التدريس الجيد Effective Teaching
توصلت العديد من الدراسات إلى استنتاج بأن مستوى أداء المعلم يؤثر تأثيراً دالاً على كم وكيف ما يتعلمه الطلاب. ومن أهم محددات التدريس الفعال ما يلي:
- إدارة الفصل بأسلوب محكم.
- أداء المعلم الواضح للدرس.
- التركيز على عملية التعلم بجدية.
- الخبرة في مراجعة الدروس والاستفادة منها.
- استخدام الإشارات والرموز والعلامات للحث على التعلم.
- استخدام مختلف الأساليب للتأكد من فهم الطلاب للمادة العلمية.
- التنوع في استخدام الأسئلة من حيث المستوى والمحتوى.
- إتاحة فرصة التفكير للطلاب عن طريق توجيه الأسئلة إليهم.
مثل هذه الجوانب تؤدي إلى فاعلية طريقة التدريس من ناحية وزيادة تحصيل الطلاب من ناحية أخرى ( Kauchak & Eggen,1998).
كما يجب على المعلم التنوع في الاستراتيجيات التي يستخدمها، حيث إن الاستراتيجية الناجحة في تحقيق أهداف معينة قد لا تكون مناسبة لتحقيق أهداف أخرى (Slavin,1995).وتشير دراسة سعيد ( 1998، 75) إلى أن لطريقة التدريس أثراً واضحاً في أداء التلاميذ ولرفع كفاءة تدريس المعلم وتوصي الدراسة بضرورة وجود كتاب يرشد المعلمين إلى الاتجاهات الحديثة في طرق التدريس، وتحسين عملية المتابعة والتوجيه من قبل إدارات التعليم لتقوم بدور فعال في تحسين العملية التعليمية. وأن يحدد المعلمون أهداف كل حصة تحديداً دقيقاً وأن يحرصوا على تحقيق تلك الأهداف. وأن يطالب المعلمون طلابهم بتصويب أخطائهم، وأن يتابعوا التصحيح ويناقشوا أسباب الخطأ في حالة وقوعه.
ويؤكد ماكوني وآخرون (McConny et al., 1998) ستة أبعاد يقوم الطالب من خلالها طريقة تدريس معلمه وهي:
- التخطيط لمدخلات التعليم.
- وضوح الأهداف.
- الضوابط الجيدة في التقويم.
- الثقة في النفس.
- التنوع في استخدام استراتيجيات التقويم.
- التطبيق الملائم لمنطلقات التدريس.
ثالثاً: المتغيرات الوسيطة المؤثرة في أداء المعلم. Moderate Variables
تتمثل المتغيرات التي يجب أخذها في الاعتبار عند تقويم الطلاب لمعلمهم في: مستوى المدرسة وحجمها، والمستوى الاقتصادي والاجتماعي لطلابها (Staddart, et al.,1993)، والكفاءة التدريسية لمعلميها. وخلفية الطلاب المعرفية وقدراتهم العقلية (Goodenow,1992)
رابعا: التفاعل بين المعلم وطلابه. Interaction between Teacher & Students
ويطلق على هذا الاتجاه " النواتج والعمليات" أي الربط بين سلوك المعلم وما يؤديه داخل الفصل من ناحية وتعلم طلابه من ناحية أخرى. وتقوم دراسات هذا الاتجاه بتحليل محتوى العملية التدريسية داخل الفصل ( العمليات) ومقارنة مستوياتها بمستويات تحصيل الطلاب ( النواتج)، ومن ثم تكون أفضل عملية هي التي توصل إلى أفضل ناتج. ( Kauchak & Eggen,1998).
ولقد أجمعت الدراسات على وجود علاقة سلبية بين رفض الطلاب للمعلم والتحصيل الدراسي لهؤلاء الطلاب. فالطلاب الأكثر تقبلاً لمعلمهم يكون تحصيلهم أعلى من أولئك الذين يكون تقبلهم لمعلمهم أقلKauchak & Eggen,1998.
الرؤى المعاصرة للكفاءة المهنية:
يمكن تمييز مدخلين أساسيين ووجهتي نظر متباينتين للكفاءة التدريسية، وهما: المدخل السلوكي، والمدخل المعرفي. ففي حين يركز المدخل السلوكي على أساليب التعزيز وآليات التدريس وأنواعه والتعليم المبرمج ويبحث عنها في عملية التعلم، فإن المدخل المعرفي يبحث في العمليات المعرفية الداخلية التي يستخدمها الطلاب في تنظيم وتخزين واسترجاع المعلومات (Bruning et al,. 1995) وتواكب الدراسات الحديثة المدخل المعرفي في بحثها عن الدور الذي يلعبه المتعلم في بنائه وإنتاجه وابتكاره للمعلومات الجديدة ودور المعلم في ذلك (Kauchak& Eggen,1998)
ومن ثم ففي المدخل السلوكي يكون دور المعلم هو الدور الإيجابي الذي يتمثل في ملاحظة السلوك الظاهر للطلاب ودور التعزيز في التأثير على هذا السلوك، وتعزيز السلوك المرغوب، أما الطلاب فدورهم يتسم بالسلبية حيث يتمثل في الاستجابة للمثيرات التي يقدمها المعلم إن استطاع ذلك. أما المدخل المعرفي فيركز على ما لدى الطالب من معرفة سابقة ( بنائهم المعرفي) ودافعيتهم، وإستراتيجيات تعلمهم وكافة العوامل التي لها أثر في زيادة تفاعل الطالب مع الموقف التعليمي وفاعلية تعلمه (Bruning,et al.,1995)، ويتمثل دور المعلم في مساعدة الطلاب على جعل تعلمهم وظيفيًّا قائما على المعنى وأكثر ارتباطاً بالواقع.
والدور الذي يلعبه الطالب في العملية التعليمية في ظل وجهة النظر المعرفية يسمى بالبنائية Constructivism وتلك العملية تعتمد على أربعة مكونات أو عناصر مهمة هي:
- أن المتعلم يبني فهمه للمعلومات أكثر من كونه ناقلاً لها أو منقولة إليه.
- التعلم الحالي يبنى على الفهم السابق ( البناء المعرفي للمتعلم حول موضوع التعلم).
- التعلم يرسخ من خلال التفاعلات الاجتماعية بين المتعلم والآخرين وبين المعلم والمتعلم.
- مهام التعلم الحقيقية ( الموجهة والمقصودة) تعمل على الارتقاء بالتعلم القائم على المعنى.
ولقد قدم كل من الكسندر ومورفي (Alexander & murphy,1994) تلك المبادئ الأربعة في خمسة تعميمات عن التدريس والتعلم والتي يجب على المعلم وضعها في اعتباره عند قيامه بالتدريس، حيث إنها توضح دوره ودور الطالب في العملية التعليمية، وتلك التعميمات والمبادئ الخمسة في علاقة متداخلة مع بعضها وكل منها يعضد الآخر ويوضحها الشكل التالي:
وقد حدث تغير في البيئة التعليمية العربية حيث لوحظ الإقبال المتزايد على الوسائط التعليمية الإلكترونية، حتي إن البرامج التعليمية بمختلف التخصصات الدراسية أصبحت على أقراص إلكترونية مدمجة، واستحدثت أنظمة التعلم والتعليم عن بعد، وعليها إقبال متزايد من أولياء الأمور والطلاب. مما يزيد من حتمية معرفة المعلمين في البيئة العربية على الأقل بكيفية الاستخدام لتلك الوسائط وتدريب الطلاب عليها.
الدراسات السابقة
برزت في الآونة الأخيرة دراسات كثيرة حول تقييم أداء المعلمين الجامعيين وغير الجامعيين ومن أهمها:
دراسة جامع وآخرون (1984) واستهدفت استطلاع رأي القائمين على عملية إعداد المعلمين في الكفاءات التدريسية اللازمة لمعلم المرحلة الابتدائية بدولة الكويت.
واشتملت عينة الدراسة على (154) فرداً تم اختيارهم بالطريقة الطبقية العشوائية وقد تضمنت العينة (103) أفراد من أساتذة معهدي التربية للمعلمين والمعلمات، و(51) فرداً من الموجهين المنتدبين للإشراف على التربية العملية في المعهدين. طبقت عليهم أداة الدراسة التي تضمنت خمسة مجالات رئيسة هي: إعداد الدرس، ومجال تنفيذ الدرس، والمجال العلمي والنمو المهني، ومجال العلاقات الإنسانية والنظام، وأخيراً مجال التقويم. وبتحليل بيانات الدراسة توصلت إلى عدد من النتائج منها:
- لا توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين أساتذة معهدي التربية للمعلمين والمعلمات ( تربويين وغير تربويين) وبين الموجهين الفنيين ( تربويين وغير تربويين) في إدراكهم للأهمية النسبية للكفاءات التدريسية التي جاءت بالاستبانة.
- توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين التربويين ( أساتذة وموجهين) وغير التربويين ( أساتذة وموجهين) في إدراكهم للأهمية النسبية للمجالات التدريسية التالية: مجال إعداد الدرس ومجال التقويم فكانت الفروق لصالح التربويين. مجال الكفاءات العلمية والنموالمهني وكانت الفروق لصالح التربويين.
- لا توجد فروق ترجع لمتغير التفاعل بين مجال العمل ( أساتذة وموجهين) والإعداد ( تربوي وغير تربوي) في المجالات موضع القياس.
- يوجد اتفاق بين الأساتذة والموجهين في ترتيب ثلاثة مجالات رئيسة هي مجال إعداد الدرس، ومجال تنفيذ الدرس، ومجال الكفاءات العلمية والنمو المهني. أما مجال العلاقات الإنسانية ومجال نظام التقويم فقد حدث بينهما اختلاف.
ودراسة زعرب (1989) استهدفت معرفة نظرة أعضاء هيئة التدريس بالكليات العلمية في الجامعات الفلسطينية لمدى اكتمال الخلفية العلمية والمهنية لعضو هيئة التدريس والنشاطات التي يقوم بها. واشتملت العينة على (103) من أعضاء هيئة التدريس في الجامعات الفلسطينية الخمس، وبلغت نسبة الذكور 93.2%ونسبة الإناث بالعينة 6.8%. وتوصلت الدراسة إلى أن الخلفية العلمية لعضو هيئة التدريس ينقصها الإعداد التربوي في استخدام العلوم السيكولوجية، واستخدام استراتيجيات تدريسية مختلفة، واستخدام تقنيات تعليمية، واستخدام الحاسب الآلي في التدريس.
دراسة الخوالدة ومرعي (1991) وهدفت إلى معرفة مدى ممارسة أعضاء هيئة التدريس في جامعة اليرموك للكفايات الأدائية المهمة لوظائفهم المهنية بالجامعة. وقد تبين من نتائج الدراسة أن عدد الكفايات الأدائية المهمة والممارسة من قبل أعضاء هيئة التدريس في قائمة الكفايات ككل هي ست كفايات فقط من أصل خمسين كفاية تدريسية اشتملت عليها القائمة التي تم إعدادها، كما وجد أن هناك فروقاً ذات دلالة إحصائية عند مستوى (0.01) بين المتوسطات الحسابية لدرجات أهمية الكفايات الأدائية من وجهة نظر أعضاء هيئة التدريس بالنسبة لفترة الخدمة لصالح فئة الخدمة القصيرة.
دراسة محمد وسليمان (1993) وهدفت إلى تصميم برنامج تدريبي مقترح لإعداد معلم الجامعة في ضوء حاجاته المهنية من وجهة نظر أهل الخبرة من أساتذة الجامعة. وتم اختيار عينة عشوائية من أعضاء هيئة التدريس بجامعتي الإسكندرية وعين شمس، وتوصلت الدراسة إلى أن هناك اتفاقاً شبه تام بين أفراد الفئات المختلفة للعينة على أن الأستاذ الجامعي بحاجة ملحة للتدرب على إعداد الاختبارات ومبادئ التدريس ومعايير إعداد المواد التعليمية للطالب الجامعي وتكنولوجيا التعلم وأسس توظيفها في تعليم طالب الجامعة واستراتيجية إدارة الوقت وتنظيمه.
وأشارت دراسة وطفة (1993) إلى مسألة التفاعل التربوي بين الطلاب وأعضاء هيئة التدريس في جامعتي دمشق والكويت، واشتملت عينة البحث على (245) طالباً وطالبة، وتوصل الباحث إلى أن هناك انخفاضاً في مستوى التفاعل التربوي في جامعة دمشق، وأن هناك فروقاً ذات دلالة إحصائية في مستوى التفاعل التربوي بين الجامعتين لصالح جامعة الكويت.
دراسة الخياط، و ذياب (1996) والتي استهدفت الكشف عن الجوانب الإيجابية والسلبية في نظام تقويم كفاءة المعلم حول مدى تحقيق نظام التقويم للأهداف التي وضع من أجلها، وللتعرف على المعوقات التي تواجه تنفيذه.
وطبقت استبانة لاستطلاع آراء العاملين في الحقل التربوي من معلمين وإداريين وموجهين حول هذا النظام على عينة بلغت (523) فرداً، وبتحليل بيانات الدراسة توصلت إلى عدد من النتائج منها:
- المسؤولية التربوية الرئيسة لنظام تقويم كفاءة المعلم هي التثبت من مدى تحقيق المعلمين للأهداف المرجوة من المنهج الذي يدرسونه.
- أهم بنود استطلاع الرأي في قياس الكفاءة هو المحافظة على الدوام والالتزام بأخلاقيات المهنة.
- وجود معارضة بين أفراد العينة على إدراج جدول العقوبات والخصومات ضمن التقرير السنوى للمعلم.
وأوصت الدراسة بإعادة النظر في هذا النظام، وضرورة مراعاة خصائص المرحلة التدريسية في بناء بطاقة التقويم.
ودراسة عفانة (1998) استهدفت تحديد الكفاءات التدريسية التي يمارسها أساتذة الجامعة الإسلامية بغزة كما يراها طلبة الجامعة. وبلغت عينة الدراسة (321) طالباً وطالبة. وأظهرت النتائج قصوراً في الكفايات التي يمارسونها، حيث وصلت إلى (36) كفاية من أصل (100) كفاية. كما بينت الدراسة وجود فروق ذات دلالة إحصائية في بعض الكفايات التدريسية ترجع إلى الجنس ونوع الكلية التي ينتمي إليها الطلاب.
دراسة الخثيلة (2000) استهدفت تحديد بعض المهارات التدريسية الفعلية التي يمارسها الأستاذ الجامعي، والمهارات التدريسية المثالية التي ينبغي أن يمارسها، وذلك من وجهة نظر طلابه. واتخذت الدراسة مجتمعاً من طالبات جامعة الملك سعود المتوقع تخرجهن في الفصل الدراسي الأول من العام الجامعي 1418/1419 هـ في مدينة الرياض، وكانت أداة الدراسة استمارة مكونة من (60) فقرة تناولت ستة محاور. وتوصلت الدراسة إلى:
- أهمية الوقوف على نوعية معارف الطلاب ووجهة نظرهم كأداة نصل بها إلى واقع التعليم، ومن ثم نتجه فيها إلى سبل تحسين مستوى الأداء للتعليم الجامعي.
- الأنماط المختلفة للمحاضرة سواء التقليدي أو المتنوع أو الميداني، لا يمكن أن تتحمل المسؤولية الكبرى لتوصيل المعرفة، بل البيئات التدريسية المساعدة والتقنيات التعليمية وأساليب التدريس المرتكزة على القراءات والتجارب والخبرات الأخرى والخروج عن الروتين بحيث ينوع العرض بشكل جيد يسهم في تحفيز الطلاب على بذل الجهد وتوظيف كامل طاقاتهم.
- ضرورة تنظيم وبناء المحاضرة على تحديد العمق المناسب للمادة المعطاه من حيث العرض والشرح والوقت والاهتمام بالتغذية الراجعة وأهمية استيعابها لفكر جديد وإضافة في المعرفة.
- الأستاذ الجامعي لا يصل في مستوى أدائه إلى درجة الكفاية المتوقعة منه، ويرجع ذلك إلى حاجة الأساليب التدريسية المهنية إلى تطوير في كثير من المهارات التي تؤدي إلى تحسين العطاء الأكاديمي وزيادة الحاجة إلى التحصيل العلمي في سبيل رفع مستوى الأداء.
خلاصة وتعقيب:
تبين من عرض الدراسات السابقة أن هذه الدراسات:
1- ركزت في معظمها على جانب تقويم أداء المعلمين الجامعيين وغيرهم، بينما اهتم البعض الآخر بتقديم برنامج مقترح لإعداد الأستاذ الجامعي مهنيًّا. وركز قسم ثالث على الكشف عن الجوانب الإيجابية والسلبية في نظام تقييم كفاءة المعلم بصفة عامة للوقوف على معوقات تنفيذه.
2- الكثير من الدراسات أجريت في بيئات عربية شتى ( الأردن ومصر والكويت وفلسطين والسعودية) مما يشير إلى أن هناك اهتماماً متزايداً في كثير من البلدان العربية بهذا الميدان.
3- استخدمت الدراسات عددا من قوائم الكفاءات التدريسية التي استفاد منها الباحث في إعداد قائمة الكفاءات المهنية بالدراسة الحالية.
4- كشفت غالبية الدراسات عن تدني مستوى الكفاءات التدريسية للمعلم الجامعي، حيث لم تصل في أحسن حالاتها إلى نسبة 50% من أي قائمة للكفاءات قد تم استخدامها في تلك الدراسات، وأن الأستاذ الجامعي لم يصل بعد في مستوى أدائه إلى درجة الكفاية المتوقعة منه.
5- كشفت الدراسات على أنه يوجد شبه إجماع من الخبراء في مجال التدريس على أهمية الكفاءات التدريسية للأستاذ الجامعي.
6- الأستاذ الجامعي في حاجة إلى الإعداد المهني الجيد والتدريب على استخدام استراتيجيات تدريسية متعددة، واستخدام تقنيات تعليمية، واستخدام الحاسب الآلي في التدريس.
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق