الأحد، مارس 28، 2010

المنهج الرقمي دكتور مجدي رجب لإسماعيل تربية عين شمس

المنـهج الرقمي Digital Curriculum :

فرضت تداعيات العلوم وتقنيات العصر تحديات كبيرة على الأمم دفعتها إلى إحداث تغيرات سريعة ومتتابعة في نظمها التربوية ، وأملت عليها إعادة النظر في مناهجها التربوية والتعليمية ، ولمجابهة هذه التحديات تضاعفت الحاجة إلى تطوير بنية التعليم بتحديث طرائقه وأساليبه ومناهجه كي يتقبلها ويفيد منها المتعلم الذي تحيط به وسائل تقنية المعلومات والاتصال من كل جانب ويتعرض للمعلومات في كل زمان ومكان . ويستدعي هذا التحديث الاعتماد على الوسائل الإلكترونية بديلاً ملحاً ومتطلباً آنياً يتيح للطلاب إمكانية اكتساب المهارات الأساسية التي تعينهم في تعاملهم مع العصر الرقمي الذي يجتاح مناحي الحياة كلها . ودون الاستثمار الجدي والفعال لهذه المهارات ستعجز المدارس والمناهج الدراسية عن إعداد جيل ممسك بمعطيات المعرفة العلمية .

ولذا ظهر مفهوم المنهج الرقمي كأحد المفاهيم التي يدور حوله كثير من النقاش والجدل الناتج عن اختلاف الفلسفات التربوية ، وتباين أساليب الاستخدام والتوظيف الذي انعكس على التحديد الإجرائي لهذا المفهوم ، حيث ير ى البعض أن المنهج الرقمي أحد المفاهيم التي دخلت في التعليم الإلكتروني ، في حين يرى آخرون أن المنهج الرقمي هو المنهج التكنولوجي الذي يعبر عن منظومة إنتاجية تسعى إلى استخدام وتطبيق التكنولوجيا وما تقتضيه من تشغيل منطقي للعمليات العقلية في عرض وتخزين وتحليل واستدعاء المعلومات للعملية التعليمية من خلال مواد وبرامج ذات أهداف سابقة التحديد ، وإلى استخدام خطوات تتابعيه في عملية التعلم مبنية على أسس من علم السلوك بما يتضمنه من نظرية التعلم السلوكية والتعلم الشرطي التاثيري أو الإجرائي (وليم عبيد،مجدي عزيز،1999،81)، بينما يرى فريق ثالث والذي يميل له البحث الحالي أن المنهج الرقمي هو محاولة لرقمنة المناهج بجميع عناصرها الأساسية المتعارف عليها بشكل عام (الأهداف ، المحتوى ، طرائق التدريس، أساليب التقويم) ، في حين يحصر آخرون مفهوم المنهج الرقمي في المحتوى المعرفي بعد معالجته ليصبح فاعلاً بدرجة عالية في تحقيق التعليم الذاتي للطالب من خلال الحاسب الآلي ( مجلة المناهج ،2002،21).

ورقمنة المناهج Digitalization Curriculum : يقصد بها الباحث في البحث الحالي هو تحويل المعلومات والمفاهيم العلمية والتعميمات والنظريات والقوانين والنصوص والأشكال والأصوات والتجارب وغيرها من مكونات منهج العلوم إلى سلاسل الصفر والواحد ( وفقاً لنظام الأعداد الثنائي الذي يعمل على أساسه الكمبيوتر ونظم المعلومات ) حتى تصبح قابلة للمعالجة الآلية والانصهار والدمج في الوسائط المتعددة المختلفة ؛كما تشمل عملية الرقمنة تقنيات متقدمة لانسيابية تدفق المعلومات المرئية والسمعية بأسلوب الاتصال المباشر بحيث يمكن دمجها فور بثها في الخدمات التي تقدمها مواقع الإنترنت ، والتي يستفيد منها كل من الوسيط الرقمي والمتعلم للمنهج (نبيل علي ، نادية حجازي ،2005،134) .

و يؤكد (عبد الله الهدلق،1420هـ) أنه في عصر المعلومات والاتصال ، بإمكان الطلاب من كل الأعمار وعلى اختلاف قدراتهم أن يتعاملوا بصرياً visualize مع المعلومات ، وأن يتفاعلوا معها من خلال ما يقدمه المنهج الرقمي من مفاهيم علمية بتوظيف تقنية المعلومات ، ويوضح ذلك من خلال المثال التالي: بإمكان فصل دراسي يدرس الطقس ، على سبيل المثال ، أن يرى صور أقمار صناعية محاكية مبنية على نموذج لظروف أرصادية افتراضية .وسيطرح الطلاب أسئلة "ماذا لو؟" ،مثل ما الذي يحدث لطقس اليوم التالي لو زادت سرعة الرياح بمقدار 50 كيلو في الساعة " .وسينمذج الحاسب النتائج المتوقعة ، عارضاً على الشاشة المنظومة المناخية المحاكية كما قد تبدو من الفضاء.

وفي ضوء ذلك يرى (بدر الصالح ،2002، 23) أن المنهج الرقمي يمثل شكلاً جديداً من أشكال الاتصال بين معرفة الخبير والمتعلم . وبدلاً من المنهج التقليدي الذي يحصل عليه المتعلم غالباً عن طريق الاتصال بالكتاب والمعلم ، أصبح هذا الاتصال رقمياً من خلال الشبكة المعلوماتية أو من خلال وسيط رقمي آخر مثل الأقراص المدمجة .

إن المنهج الرقمي كنموذج تربوي جديد كما يشير كل من (Tnilling & Hood,1999,PP5-17) يعتمد على دمج ثلاثة عناصر رئيسية تقوم حالياً بتوجيه وتشكيل هذا النموذج بدرجات متفاوتة تبعاً لمدى اندماج هذه العناصر وهي : الطلب الجديد والمتزايد لمهارات جديدة للعمل في عصر المعرفة ، والإمكانات الهائلة التي تقدمها تقنية المعلومات والاتصالات ، وتغير النظرة حول الكيفية التي تحدث بها عملية التعلم .

ويحدد مشروع المناهج الرقمية بوزارة التربية والتعليم بالمملكة العربية السعودية ، الإدارة العامة للمناهج ، والمعروف بمشروع "وطني نت" أهداف المناهج الرقمية في الآتي (وزارة المعارف ،2000،32) :

1ـ توفير بيئة تعليمية غنية بالمصادر .

2ـ إعادة صياغة الأدوار التي تتم بها عملية التعليم والتعلم بما يتوافق مع مستجدات الفكر التربوي .

3ـ إيجاد الحوافز وتشجيع التواصل بين منظومة العملية التعليمية كالتواصل بين البيت والمدرسة ، والمدرسة والبيئة المحيطة .

4 ـ نمذجة التعليم وتقديمه في صورة معيارية . فالدروس تقدم في صورة نموذجية والممارسات التعليمية المتميزة يمكن إعادة تكرارها .

5ـ تناقل الخبرات التربوية من خلال إيجاد قنوات اتصال ومنتديات تمكن جميع المهتمين بالعملية التعليمية من المناقشة وتبادل الآراء والتجارب بما يحقق تطوير المناهج الدراسية بصفة خاصة والعملية التعليمية بصفة عامة .

6ـ إعداد أجيال من المعلمين والطلاب قادرين على التعامل مع التقنية ومهارات العصر .

7ـ المساعدة على نقل التقنية في المجتمع وتوظيفها بما يحقق النمو والتقدم العلمي .

مما سبق يخلص البحث الحالي إلى تعريف للمنهج الرقمي Digital Curriculum: "هو شكل من أشكال التعليم الإلكتروني ، وهو مجموعة الخبرات التربوية والعلمية التي يتم توفيرها للمتعلم عن طريق الإمكانات الهائلة التي تقدمها تقنية المعلومات والاتصالات ، وهو يمثل شكلاً جديداً من أشكال الاتصال بين معرفة الخبير والمتعلم ويكون هذا الاتصال رقمياً من خلال شبكة المعلومات أو من خلال وسيط رقمي آخر مثل الأقراص المدمجة" .

تصـميم المنهـج الرقمي :

يجمع بعض صانعي المناهج ومطوريها أمثال (Mckenzie,2000,P.5) أن المنهج الرقمي يدعم الثقافة المعلوماتية للمتعلمين ويساعد على إعدادهم وتهيئتهم لعالم موجه بالتقنية ، إذا أحسن تصميمه وتطويره .

المعايير التي في ضوئها يتم تصميم المنهج الرقمي :

وحتى يتحقق هذا تم وضع مجموعة من المعايير التي في ضوئها يتم تصميم المنهج الرقمي وهي (وزارة المعارف ،2002،24-25) :

أولاً : أن يكون تطوير المنهج ضمن خطة شاملة معتمدة على التقنية ، تأخذ في الحسبان العناصر الرئيسية التالية :

· أن يخضع تصميم المنهج الرقمي وتطويره لمبادئ التصميم التعليمي المعتمدة على نظرية أو فلسفة معينة تلبي حاجات متعلمين معينين ومنهج دراسي معين .

· تدريب المعلمين لتوظيف المنهج الرقمي في التعلم من منظور مختلف كلياً عن المنهج التقليدي الذي خبرة .

· إدخال التعديلات المطلوبة لتيسير دمج المنهج الرقمي في تعليم العلوم .

ثانياً: إذا صمم محتوى المنهج الرقمي بحيث :

·لا يجبر المتعلم على إتباع مسار محدد ، وإنما يمكنه من التحكم بتسلسل في محتوى المنهج .

·يقدم المفاهيم العلمية على هيئة مهام هادفة ومشكلات ذات علاقة بالعالم الواقعي .

·يتمحور حول مفاهيم أساسية تركز على الفهم المتعمق وإستراتيجيات البحث وليس تغطية محتوى كبير واسع .

ثالثاً: يحفز الطلاب على المشاركة الفعالة في الأنشطة العلمية لتعلم مفاهيم المنهج وذلك من خلال:

·أن يكون الطالب مسؤولاً عن تعلمه من خلال البحث عن المعرفة والفهم الموجه بأسئلة وقضايا تعتمد على فضول الطالب وافتراضاتهم منطلقاً لهذا البحث .

·أن يشعر الطالب بالإثارة والدافع في حل المشكلات التي يقدمها المنهج الرقمي . هذا الشعور مبني على نشاط تفاعلي يشعر الطالب بأهميته وقيمته .

·أن يشجع المنهج الرقمي الطالب على الاختيارات الفاعلة المتعمقة لإستراتيجيات البحث والحل .

·أن يتعلم الطالب من خلال التعامل مع مهام تعلم حقيقية وتكاملية .

ويتبع في تصميم دروس العلوم وفقاً للمنهج الرقمي نموذج التعلم الذاتي في التصميم السلوكي والمعرفي ، الذي يبدأ بصوغ الأهداف ، وتحليل المحتوى العلمي ، واختيار الطرائق والإستراتيجيات واستخدامها ، وإجراء التطبيقات والتدريبات والتقويم البنائي لبناء التعلم ، والتقويم التراكمي للتقدم التدريجي خطوة خطوة ، حتى تكتمل الأهداف والأغراض الدراسية في نهاية الدرس كما يقيسها الاختبار (أحمد الدبسي،2002،99)

ويحدد (حسام مازن ،2004،46) ست مراحل /خطوات رئيسية لمنظومة منهج تعليمي إلكتروني (المنهج الرقمي) هي :

1. تحديد وتحليل المادة العلمية إلى مجموعة من الأطر الصغيرة التي يسهل تعلمها.

2. صياغة الأهداف التعليمية السلوكية في عبارات قابلة للملاحظة والقياس .

3. جمع محتويات المادة العلمية وإعداد التصميمات الخاصة بالبرمجة الإلكترونية .

4. كتابة البرنامج وإعداده حاسوبياً .

5. تجريب البرنامج المحوسب ثم تعديله في ضوء التطبيق المبدئي .

6. الوصول بالبرنامج إلى الصيغة النهائية القابلة للتطبيق والتعميم .

أما (نبيل علي ،نادية حجازي ،2005،111) يشترطان عند تصميم المحتوى الخاص بالتعلم الإلكتروني المرتبط بالمنهج الرقمي تحقيق المعايير التالية :

1ـ إلا يكون المنهج قياسياً، ثابتاً ومحدداً ، يصلح لكل بيئات الفصول ومستويات العقول . من جانب أخر يتطلب النمو المتسارع للمعرفة العلمية أن يتسم المنهج بالدينامية في سرعة توظيف المعارف والخبرات المكتسبة وإحلالها بأخرى جديدة .

2ـ أن يكون محتوى المنهج ذا بعد معرفي وأخلاقي ، وعدم حرمان المتعلم من معارف ربما تكون حيوية بالنسبة إلى تنميته ذهنياً ومطالب حياته العلمية .

3ـ ضرورة تركيز المحتوى العلمي للمنهج على المفاهيم الأساسية والأفكار العلمية المحورية ، وهذا يتطلب من مصممي محتوى المنهج الإلمام بأسس نظرية المعرفة ومهارات استخدام مخططات المفاهيم Conceptual graphs والشبكات الدلالية Semantic nets .

4ـ أن يتم بناء محتوى المنهج على هيئة وحدات معرفية صغيرة Modules مما يجعل المادة التعليمية ذات قابلية للتشكيل لتلبية المطالب التعليمية المختلفة .

5ـ تجسيد المفاهيم المجردة في هيئة المحسوس وذلك من خلال أساليب "الترئية" Visualization التي تتيحها تقنية المعلومات.

ونخلص في هذا الجانب إلى أن تصميم المنهج الرقمي يجب : أن يحقق التحول من بيئات تعلم مغلقة معتمدة المنهج التقليدي والمعلم والكتاب كمصادر وحيدة للمعرفة العلمية ، وموجهة بوساطة المعلم ، إلى بيئات تعلم مفتوحة ومرنة وغنية بالمصادر التقنية الموجهة بوساطة المتعلم . بيئات تعلم لا تعتمد على التقنية فقط ، وإنما على نظرية تربوية في بناء المناهج ، وأفكار تربوية في طرق التدريس التي يمكن أن توجه من خلال التطبيقات التقنية في تعلم العلوم ووفق خطوات أو مراحل علمية.

الأساس النظري والفلسفي (النظرية) الذي يعتمد عليه تصميم المنهج الرقمي:

إن التقنية بذاتها لا تدرَس ، وإنما المعلم (أو المصمم) هو الذي يقوم بذلك ، وبعبارة أخرى ، إن الأساس النظري والفلسفي هو الذي يحدد أسلوب تصميم المنهج الرقمي وبنائه وتطويره ، وسيعرض الباحث نموذجين لدور التقنية في التعليم ليحدد النظرية الذي يتبناها البحث الحالي في تصميم المنهج الرقمي وهما :

النموذج الأول : أثرت المدرسة السلوكية فى التربية والتعليم إلى درجة كبيرة . في هذا النموذج تستخدم التقنية كوسائط ( أو المعلم ) لنقل التعليم . بهذا الأسلوب تخزن المعلومات في التقنية خلال العملية التعليمية ، يستقبل المتعلم المعلومات ويحاول فهم المحتوى المخزن فيها خلال تفاعله معه . هذا التفاعل لا يتجاوز ضغط أزرار معينة لكي يستمر عرض المعلومات أو الاستجابة لأسئلة معينة غالباً ما تكون حول مدى صحة الاستجابة . وحتى وقت قريب كان أغلب التقنيات التي أُنتجت واستخدمت في التعليم هي مواد مسبقة التصميم بحيث لا يترك للمتعلم أو المعلم أية فرصة للتحكم ، هذا النموذج سلوكي: المعلم ( أو أي وسيط آخر ) يقدم مثيراً يتطلب استجابة يعقبها تعزيز . أي التقنية في هذا النموذج تستخدم كأداة للتعليم .

النموذج الثاني : رغم وجود النظرية البنيوية منذ أكثر من مائة عام ، إلا أنها وجدت قبولا في السنوات الأخيرة من قبل صانعي المناهج ومطوريها ، نظراً لإمكانات التقنية الهائلة التي يمكن من خلالها تفعيل مفاهيم هذه النظرية وافتراضاتها ، إضافة إلى أن لا يمكن للمعلم أن يقوم بأدواره التقليدية في بيئة تعليمية متعددة وغنية بالمصادر التقنية . وتستخدم التقنية في هذا النموذج كأداة لتيسير استقصاءات المتعلم في بيئة غنية بالمصادر تقدم المحتوى العلمي ضمن سياقه الحقيقي، والمعرفة ليست منتجاً ينقل للمتعلم ، وإنما نشاط تفاعلي يدعم بواسطة التقنية ،ويصبح المعلم ميسراً للتعلم . في هذا النموذج أصبح التعلم وليس التدريس هو الجزء الحيوي من التربية ، ويتحول التركيز من المدخلات إلى المخرجات ، أي التقنية في هذا النموذج تستخدم كأداة لبناء التعلم (بدر الصالح،2000،23) .

ولعل من أهم مضامين النظرية البنائية ، عدم استخدام التقنية كأداة للتعليم ، وإنما استخدمها كأدوات لبناء التعلم ، ويتضح ذلك في المبادئ والأسس التي ترتكز عليها تلك النظرية ونماذجها التدريسية ؛ والتي يمكن إجمالها فيما يلي (رجب الميهي،2003،3) :

1ـ ضرورة بدء الموقف التعليمي بتهيئة حوافز مثيرة للطالب تدفعه لأن يقبل على التعليم بشغف ورغبه .

2ـ يجب على المعلم صياغة عدد محدد من الأهداف التعليمية التي يجب أن يحققها الطلاب بعد دراستهم للمواد التعليمية المتنوعة ، وممارستهم للأنشطة التعليمية المتعددة المقترحة لكل موضوع.

3ـ لابد من عرض المحتوى العلمي لكل موضوع بأشكال مختلفة ؛ لفظياً ، وبالاستعانة بالصور الثابتة والمتحركة ، والرسوم التخطيطية والتوضيحية ،وبالاستعانة بالرياضيات، وبالكمبيوتر …وغيرها ، مما يساعد الطلاب على استيعاب ذلك المحتوى .

4ـ يجب تحديد الأنشطة التعليمية التي سينفذها الطلاب ، شريطة أن تكون تلك الأنشطة على درجة كبيرة من التنوع .

5ـ التأكيد على الدور الإيجابي الفعال للطلاب أثناء عملية التعلم ، من خلال قيام الطلاب بالعديد من الأنشطة التعليمية ضمن مجموعات أو فرق عمل .

6ـ يجب التركيز على التعلم التعاوني التفاعلي انطلاقاً من أن الطالب يبني خبراته بشكل أفضل من خلال تعاونه وتفاعله مع غيره من الطلاب .

7ـ يجب توفر وسائل تقويم مناسبة تساعد في التحقق من حدوث التعلم لدى الطلاب.

8ـ لابد أن يصل الطالب في تعلمه إلى مستويات متقدمة في التحصيل والإنجاز .

من خلال عرض النموذجين السابقين والمبادئ والأسس التي تبنى عليها النظرية البنائية ونرى أن أنسب النموذجين في بناء وتصميم المنهج الرقمي وتطويره هو النموذج الثاني الذي يعتمد على النظرية البنيوية ، وذلك يرجع إلى ما يلي:

1ـ في بيئة التعلم البنيوية يكون المتعلم نشطاً، وتستخدم التقنية كأداة لتيسير استقصاء المتعلم في بيئة غنية بالمصادر تقدم المحتوى ضمن سياقه الحقيقي في هذه البيئة ، المعرفة ليست شيئاً (أو منتجاً) ينقل للمتعلم ، وإنما نشاط تفاعلي (عملية) يدعم بواسطة التقنية . ويوجَه المتعلم تعلمه مستعيناً بمصادر التقنية ، ويصبح المعلم ميسراً للتعلم ، كما يصبح التعلم وليس التدريس هو الجزء الحيوي من التربية ، أي تحول التركيز من المدخلات إلى المخرجات .

2ـ إن نظرية التعلم البنيوية تقدم علاجاً لمشكلتين رئيستين في التعلم هما: مشكلة الحافز ومشكلة نقل التعلم إلى مواقف جديدة من خلال تقديم مهام التعلم في مواقف حقيقية ونشاطات تفاعلية يقوم فيها المتعلم بدور نشط ويتحكم بتعلمه ويوَجه هذا التعلم (بدر صالح ،2002،24).

3ـ إن إدارة المتعلم لتعلمه ذاتياً تساعده على أن يشارك في التخطيط لتعلمه ويختار وينفذ ويتدرب على إستراتيجيات التعلم والتقويم الذاتي لخطط تعلمه وبذلك يصبح متعلماً منظماً ذاتياً للمعرفة Self-Regulated Learner يقوم بإنجاز مهامه مدفوعاً برغبته الذاتية وكفاءة فاعلة (Wolters,2003,189) .

4ـ إن من أهم مضامين النظرية البنيوية هو عدم استخدام التقنية كأداة للتعليم ، وإنما استخدامها كأدوات لبناء التعلم ، أدوات يتعلم الطالب معها وليس منها ؛ وهذا يتطلب تحولاً في دور التقنية التقليدية إلى التقنية كشريك في عملية التعلم .

المحتـوى الإلكتروني للمنهـج الـرقمي :

مع التقدم الحاصل في تقنية المعلومات والاتصال وأجهزة الحاسب الآلي تعددت البرامج التي تقدم العملية التعليمية والتعليمية ، وتنافست الشركات العربية والعالمية في تقديم المحتوى الإلكتروني للمنهج الرقمي ؛ مما أدى إلى تعدد طرق عرض المنهج وملحقاته رقمياً في أشكال مختلفة منها (إبراهيم الهدهود،2002،29):

1ـ المعمل الافتراضي : وهو برنامج تفاعلي يحتوي على أدوات لمعمل الكيمياء والأحياء والفيزياء ، لإجراء التفاعلات الكيميائية وتجارب الفيزياء في الكهرباء والمغناطيسية والميكانيكا وغيرها من المفاهيم العلمية الأساسية ، واستخدام المجهر الإلكتروني لمشاهدة الشرائح المجهرية .

2ـ ملفات html : وهي صفحات الإنترنت والتي يمكن استعراضها باستخدام برامج التصفح المختلفة من مستعرض مايكروسوفت والسندباد والنيولاين وغيرها كثير . تتميز هذه الصفحات بسهولة وإمكانية ارتباطها وإدراج البرامج التفاعلية ضمنها .

3ـ ملفات PDF : وهي ملفات مخصصة للكتب الإلكترونية والتي تحتوي على موضوعات ومفاهيم علمية مختلفة ، وتتميز هذه الملفات أو البرامج عن الورد بسهولة استخدامها وصنع نسخ مغلقة لا يمكن للمستخدمين الآخرين (الطالب ـ المعلم) إجراء تعديلات عليها أو تشويهها . وفيها يمكن إدراج الصور والمعادلات والجداول وغيرها وجعلها تفاعلية ، إضافة إلى حجم الملفات الصغيرة .

4ـ ملحقات جافا : وهي برامج صغيرة منتشرة عبر الإنترنت تستخدم لتحقيق هدف معين واحد ، وهي ذات أحجام صغيرة ، يمكن إدراجها ضمن المنهج الدراسي .

5ـ ملحقات الأوفيس : وهي مجموعة من البرامج التي يستطيع المعلمون والمشرفون التربويون عملها واستخدامها ، وقد أنجز المعلمون والمشرفون وطلاب كلية المعلمين بمحافظة الرس عدداً كبير منها على شكل ملفات بوربوينت أو وورد أو اكسل .

أن استخدام شبكة الإنترنت كوسيلة لتوصيل التعليم إلى الطلاب يجعل عملية تصميم محتوى تعليمي لكل متعلم عملية ممكنة التنفيذ كما يرى (اتول بانت،2002،31) ، حيث يمكن تقديم محتوى المنهج الدراسي عبر شبكة الإنترنت بوسائط بصرية وسمعية متعددة بحيث يختار المتعلم الوسيط الذي يريده من المتغيرات العديدة المتاحة على الشبكة ، ويساعد المنهج الإلكتروني المتعلمين في التركيز على ما يريدون تعلمه في أي وقت ومكان يشاءون ووفق السرعة والكيفية التي تناسبهم .

نستخلص من العرض السابق : أن تعدد وتنوع أشكال عرض المنهج وملحقاته رقميا يسمح للمعلم اختيار ما يناسب المحتوى العلمي (المحتوى الإلكتروني) للمنهج ، وكذلك طبيعة الدرس ، وطبيعة طلابه ، وكذلك مقدار التكلفة لإعداد هذه الملفات ؛ فقد أثبتت دراسة (إبراهيم عبد العزيز،2002،29) التي تهدف إلى مقارنة التكلفة التي تكفلها وزارة التربية والتعليم بالمملكة السعودية في طباعة الكتب ، وبين تكلفة الأقراص المدمجة المحتوية على المنهج الرقمي ، توصلت إلى أن الطالب من الصف الأول الابتدائي إلى الصف الثالث الثانوي يحتاج إلى (21) واحد وعشرون قرصاً مدمجاً على الأكثر لا تتجاوز قيمتها (6) ستة ريالات للطالب الواحد ، في حين تكون التكلفة العالية للطالب في الصف الثاني الثانوي تبلغ (2400ريال) في الصف الواحد المكون من 50 طالباً وهي تعادل قيمة جهاز خادم مع وحدة طرفية لكل طالب خلال ثلاث سنوات .

المعلـم والمنهـج الرقمي :

شهد العقد الأخير من القرن العشرين طفرة هائلة في دمج المستحدثات التقنية المرتبطة بمجال التعليم خاصة في المناهج الدراسية ، الأمر الذي أثر على عناصر منظومة التعليم على اختلاف مستوياتها ، وأحدث عدداً من التغيرات لعل من أبرزها تغير دور المعلم بصورة واضحة حيث أصبحت كلمة معلم /مدرس Teacher غير مناسبة للتعبير عن مهامه الجديدة ، وظهرت في الأدبيات الحديثة كلمة مسهل Facilitator لوصف مهام المعلم على أساس أنه الذي يسهل عملية التعلم لطلابه ، فهو يصمم بيئة التعلم Learning Environment ويشخص مستويات طلابه ويصف لهم ما يناسبهم من المواد التعليمية ، ويتابع تقدمهم ويرشدهم ويوجههم حتى تتحقق الأهداف المنشودة .

وفي ظل دمج تقنية المعلومات والاتصال في المناهج الدراسية وتوظيفها ، وبما أنتجه من مفاهيم جديدة مثل المنهج الرقمي اختلفت الدراسات والبحوث في دور المعلم في تطوير المناهج لتلبية مطالب عصر تقنية المعلومات والاتصال ، فقد أثبت دراسات وبحوث (نبيل علي،2000،400) "أن المعلم أحد الأسباب الرئيسية للأزمة التربوية ، التي تعاني منها معظم مجتمعات العالم ، وأحد العوائق الأساسية أمام حركة التجديد وتطوير المناهج المطلوبة لتلبية مطالب عصر المعلومات والتقنية " ، وهذا ما انتهى إليه تقرير التقنية الأسبوعي للعام 1999في الولايات المتحدة الذي أشار إلى أن ربط المدارس بالشبكات يسير بسرعة عالية ، ولكن استخدام المعلمين لها يبقى مخيباً للآمال ، حيث لا يزال المعلمون يستخدمون المحتوى الرقمي على نطاق ضيق ، وكعنصر اختياري في مكونات العملية التعليمية (Mckenzie,2000,5) . في حين تشير دراسات وبحوث أخرى (Moseley&Newton,2000) "أن المعلم يمكن أن يكون هو مصدر الحل لا المشكلة " ، وأن ثورة التجديد والتطوير في المناهج الدراسية المطلوبة لإدخال الكمبيوتر وتوظيفه في المناهج ، لا يمكن أن تنجح دون أن يكون على رأسها معلم ، فهو يعمل على تذليل العوامل التي تحد أو تمنع من استخدام تقنية المعلومات والاتصال (BECTA,2004) ؛ فتقنية المعلومات لا تعني التقليل من أهمية المعلم ، أو الاستغناء عنه ، بل تعني دوراً مختلفاً له ؛ فالتقنية ليست سوى قنوات لنقل المحتوى ، ولتلبية مطالب عصر المعلومات والتقنية .

ورغم هذا الاختلاف فإن التوجهات العالمية عموماً تؤكد على أهمية دور المعلم ، على أن توضع الأهداف الآتية في الحسبان عند تخطيط مشاريع تطوير المناهج وهي: التحول من التركيز على المدخلات (التدريس) إلى التركيز على المخرجات (التعلم) ، والنظر إلى المعلم كموجَه للتعلم ، بدلاً من متعهد المعرفة ، ودمج التقنيات المعلومات الجديدة في التعليم ، مع توسيع أدوار المعلم ليصبح مديراً لبيئة التعلم بمعناها الواسع (Zanker,2001,IX) .

وفي ظل دمج تقنية المعلومات في المناهج الدراسية والسعي لتطبيق المنهج الرقمي ظهر مفهوم "المعلم المتمكن تقنياً" وهو المعلم الملم بعمليات التقنية ومفاهيمها ، وهو المعلم القادر على توفير بيئة معتمدة على التقنية ، إضافة إلى استخدام التقنية في التطوير المهني المستمر (غانم الغانم وآخرون ،2005،95) ؛ كما ظهر أيضا نموذج جديد وهو "المعلم الإلكتروني" والذي يصفه (David ,et al.,2000) بالمعلم المستقبلي الإلكتروني المتجول ، الأمر الذي يعني أن دور المعلم سوف يشهد تغيراً واسعاً. ومع أن مثل هذا الأمر ربما لا يحدث في المستقبل القريب إلا أن من المؤكد أن الإنترنت سوف تتمكن من تفكيك مؤسسات التعليم والتعلم التقليدية .

ويضيف كل من أيزنبيرج وجنسون وبيركوتز (Eisenbeg , Johnson , & Berkowitz , 1996) ست مهارات (أو خطوات) يجب أن يمتلكها المعلم والطالب حتى يكون متمكناً تقنياً ،وحتى يحقق الأهداف الخاصة بالمنهج الرقمي وهي :

1ـ تعريف المهمة أو المشكلة المعلوماتية Task Definition : وهي تتطلب من الطالب والمعلم امتلاك المهارات التالية :

·مهارات تقنية المعلومات من بينها استخدام البريد الإلكتروني ومجموعة النقاش على الإنترنت ، والقوائم البريدية للاتصال بمعلميه حول الوجبات المدرسية ، والمهام ، وتوليد الموضوعات والمشكلات وتيسير النشطات التعاونية بين مجموعات الطلاب على المستويات المحلية والعالمية .

·مهارة استخدام برمجيات توليد الأفكار وأساليب العصف الذهني ؛لتعريف المشكلة المعلوماتية وتنقيحها.

2ـ تطوير إستراتيجيات البحث عن المعلومات Information Seeking Strategies وتتمثل هذه الخطوة في مهارة تحديد جميع المصادر المعلوماتية المحتملة عن الموضوع أو المفهوم العلمي الذي يتم دراسته ويتوقع منه في هذه المرحلة أن يمتلك مهارات :

·التعرف على مصداقية المصادر المعرفية الإلكترونية وغير الإلكترونية ويحدد طرق جمع البيانات بما في ذلك الأقراص المدمجة ، ومصادر الإنترنت ، وغيرها.

·وضع معايير محددة لتقويم المصادر المعرفية الإلكترونية والحاسوبية ، وغيرها .

·وضع معايير لتقويم المصادر المعرفية الإلكترونية ، والحاسوبية وغيرها .

·استخدام أدوات الحاسوب لتخطيط وتنظيم المهام العلمية المرتبطة بعملية توظيف المعلومات في حل المشكلة .

3ـ تحديد مصادر المعلومات والوصول إليها Location and Access وهي تتمثل في مهارة اختيار أنسب المصادر الحاسوبية على الشبكة المحلية للمدرسة، والمراجع الإلكترونية وغيرها .

4ـ استخدام المعلومات Use of Information : بعد الحصول على مصادر المعلوماتية المفيدة ينهمك في القراءة والمشاهدة والإصغاء لتقرير علاقتها بالموضوع ، أو المشكلة العلمية المرتبطة بموضوع البحث ، واستخلاص هذه المعلومات .

5ـ دمج وبناء الحل المعلوماتي Synthesis : وهي خطوة تتطلب امتلاك المعلم مهارات التنظيم والتصنيف والتوثيق والعرض ، والتقديم بطريقة مناسبة ويشارك الطالب المعلم في عرض ما توصل إليه أمام زملائه .

6ـ تقويم الحل المعلوماتي Evaluation : وهي مهارات إجراء عملية التقويم سواء كان التقويم ذاتياً للطالب أو من خلال الأقران على أن يتم التركيز عل جودة المنتج النهائي في مقابل المهمة الأصلية وجودة العملية التي استخدمها الطالب .

نخلص مما تم عرضه إلى: أن التحديات التي فرضتها تقنية المعلومات تتطلب إعادة صياغة برامج إعداد المعلمين قبل الخدمة وأثناءها وتوفير برامج تطوير مهنية للمعلم في خطط تطوير المناهج ، وتطبيق المنهج الرقمي .

هناك 4 تعليقات:

  1. استفدنا جدا من صفحة سيادتكم جزاكم الله خيرا

    ردحذف
  2. استفدنا جدا من صفحة سيادتكم جزاكم الله خيرا

    ردحذف
  3. بوركت دكتور جهد مشكور

    ردحذف
  4. أفضل وأشمل تدريب على اختبارات القدرات والتحصيلي و ستيب - في المملكة العربية السعودية STEP , قياس كمي , لفظي والإنجليزي..تجميعات الأسئلة الشائعة


    nc qiyas.online

    ردحذف