الأحد، أبريل 18، 2010
نموذج التعلم التوليدي
نموذج التعلم التوليدي كتطبيق لنظرية فيجوتسكي وهي نظرية التطور الإجتماعي وهو أحد البنائيين
يعكس نموذج التعلم التوليدي رؤية فيجوتسكي للتعلم ويتكون من أربع مراحل أو أطوار تعليمية وهي :
1- الطور التمهيدي:Preliminary
وفيها يمهد المعلم للدرس من خلال المناقشة الحوارية وإثارة الأسئلة ويستجيب الطلاب إما بالإجابة اللفظية أو الكتابة في دفاترهم اليومية فاللغة بين المعلم والطلاب تصبح أداة نفسية للتفكير والتحدث والعمل والرؤية وفي هذه المرحلة تتضح المفاهيم اليومية التي لدى المعلمين من خلال اللغة والكتابة والعمل ومحورها التفكير الفردي للطلاب تجاه المفهوم.
2- الطور التركيزي (البؤرة)Focus
وفيها يوجه المعلم الطلاب للعمل في مجموعات صغيرة فيصل بين المعرفة اليومية والمعرفة المستهدفة, ويركز عمل الطلاب على المفاهيم المستهدفة مع تقديم المصطلحات العلمية وإتاحة الفرصة للمفاوضة والحوار بين المجموعات, فيمر الطلاب بخبرة المفهوم.
3- الطور المتعارض (التحدي) Challenge
في هذا الطور يقود المعلم مناقشة الفصل بالكامل مع إتاحة الفرصة للطلاب للمساهمة بملاحظاتهم وفهمهم ورؤية أنشطة الفصل بالكامل ومساعدتهم بالدعائم التعليمية المناسبة, ع إعادة تقديم المصطلحات العلمية, والتحدي بين ما كان يعرفه المعلم في الطور التمهيدي وما عرفه أثناء التعلم.
4- طور التطبيق Application
وتستخدم المفاهيم العلمية كأدوات وظيفية لحل المشكلات وإيجاد نتائج وتطبيقات في مواقف حياتية جديدة كما تساعد على توسيع نطاق المفهوم
التعلم التوليدي
التعلم التوليدي نظرية تتضمن التكامل النشط للأفكار الجديدة مع اسكيمات المتعلم الموجودة وتنقسم استراتيجيات التعلم التوليدي إلى أربع عناصر ويمكن أن تستعمل كل إستراتيجية على حدة او ترتبط إحداها بالأخرى لنيل هدف التعلم وهي :
1- الاستدعاء Recall
يتضمن الاستدعاء سحب المعلومات من الذاكرة طويلة المدى للمتعلم والهدف من الاستدعاء أن يتعلم المتعلم معلومات تستند على الحقيقة, ويتضمن الاستدعاء تقنيات مثل التكرار , التدريب, الممارسة,المراجعة وأساليب تقوية الذاكرة.
2- التكامل Integration
يتضمن التكامل مكاملة المتعلم للمعرفة الجديدة بالعلم المسبق ,وهدف التكامل هو تحويل المعلومات إلى شكل يسهل تذكره, وطرق التكامل تتضمن إعادة الصياغة (خلاصة في صيغة قصصية) ,التلخيص (يعيد رواية المحتوى ويشرحه بدقة),توليد الأسئلة وتوليد المتناظرات .
3- التنظيم Organization
يتضمن التنظيم ربط المتعلم بين العلم المسبق والأفكار الجديدة في طرق ذات مغزى ويتضمن تقنيات مثل تحليل الأفكار الرئيسية,التخليص,التصنيف,التجميع وخرائط المفاهيم.
4- الإسهابElaboration
ويتضمن الإسهاب اتصال المادة الجديدة بالمعلومات أو الأفكار في عقل المتعلم,ويهدف الإسهاب إلى إضافة الأفكار إلي المعلومات الجديدة,وتتضمن طرق الإسهاب توليد الصور العقلية وإسهاب جمل.
إن بناء المعرفة يعتمد على المعالجة العقلية النشطة للتصورات ويؤدي على الفهم الذي ينتج من المعالجة التوليدية,وتتضمن المعالجة التوليدية الربط بين المعلومات الجديدة والعلم المسبق لبناء تراكيب معرفية أكثر اتقانا , وهي ضرورية لترجمة المعلومات الجديدة وحل المشكلات ويتصف التعلم التوليدي بعمق مستوى المعالجة للمعلومات. وفي الحقيقة فإن المادة يتم تذكرها بشكل أفضل في حالة التعلم التوليدي من قبل المتعلم بدلا من تقديمها مجردة للمتعلم.
ومن خواص التعلم التوليدي أن المتعلمون يشاركون بشكل نشط في عملية التعلم ويولدون المعرفة بتشكيل الارتباطات العقلية بين المفاهيم فعندما يحلل الطلاب مادة جديدة يدمجون الأفكار الجديدة بالعلم المسبق وعندما تتطابق هذه المعلومات يتم بناء علاقات وتراكيب عقلية جديدة لديهم.
ويوجد نوعين من النشاطات التوليدية هي:
1- النشاطات التي تولد العلاقات التنظيمية بين أجزاء المعلومات,أمثلة ذلك إبداع عناوين,أسئلة,أهداف, خلاصات,رسوم بيانية وأفكار رئيسية.
2- النشاطات التي تولد العلاقات المتكاملة بين ما يسمعه أو يراه أو يقرأه المتعلم من معلومات جديدة والعلم المسبق للمتعلم,وأمثلة ذلك إعادة صياغة,تناظرات,استدلالات,تفسيرات وتطبيقات. والفرق بين النشاطين أن النشاط الثاني يعالج المحتوى التعليمي بشكل أعمق ويؤدي إلي مستوى عالي من الفهم.
فالتعلم التوليدي عملية نشطة فهي عملية بناء صلات بين المعرفة القديمة أو كم من الأفكار الجديدة لاءمت نسيج المفاهيم المعروفة عند الفرد فجوهر نموذج التعلم التوليدي هو أن العقل أو الدماغ ليس مستهلك سلبي للمعلومات فبدلا من ذلك هو يبني تفسيراته الخاصة من المعلومات المخزنة لديه ويكون استدلالات منها.
ودور المعلم يكمن في مساعدة الطلاب في توليد الوصلات أو يساعدهم على الربط بين الأفكار الجديدة بعضها البعض بالعلم المسبق لديهم , فالعلم يدفع أو يوجه الطالب لإيجاد تلك الارتباطات فالتعليم ينتقل هنا من تجهيز المعلومات إلى تسهيل بناء نسيج المعرفة, وبهذه النظرة يتم التركيز على المتعلم في العملية التعليمية
الثلاثاء، أبريل 13، 2010
الترفيه الرقمي والتقليدي في تعليم العلوم
الترفيه الرقمي والتقليدي في تعليم العلوم
المصدر د . علي حسن الأحمدي المعرفة العدد172
2009-07-02 9 /7 /1430 �
«يكون الإنسان إنسانًا حين يمارس اللعب»
بهذه العبارة لخص أحد الفلاسفة نظرته للترفيه واللعب في حياة الإنسان، فهذه الأنشطة تعد غريزة طبيعية جبلت عليها النفس البشرية وميلًا فطريًا يخرج بها من تلك القيود المصطنعة التي تفرضها طبيعة الحياة، إلى مجال من الحرية والانطلاق تكسر بها تلك القيود.
وفي التربية والتعليم أكدت عديد من الدراسات والبحوث التي تناولت الترفيه واللعب في عمليات التعلم والتعليم،أن الترفيه بشكل عام (واللعب كأحد مجالات الترفيه) يسهم بشكل كبير في تحسين عملية التعلم لدى الفرد، وفي زيادة تحصيله الدراسي،وتنمية ميوله واتجاهاته الإيجابية.
ولعل من الخطأ الكبير النظر إلى عملية الترفيه في التربية نظرة دونية كما يرى البعض، بل يجب التعامل معها كجزء متمم للعملية التربوية لايقل أهمية عن الجوانب الأخرى المعرفية والمهارية، حيث تدخل عملية الترفيه هنا، ضمن إطار التربية غير المقصودة التي لها الأثر الكبير في نمو شخصية المتعلمين.
من هنا فقد أصبحت طرق التعلم والتدريس الحديثة، تركز على استخدام الترفيه بصوره المتنوعة، سواء ما يتعلق منها باللعب أو الزيارات والرحلات العلمية أو ما يتعلق بإقامة المخيمات والمعسكرات والمسابقات أوغيرها من الأنشطة التي يعد الترفيه قاسمًا مشتركًا فيها.
والعلوم الطبيعية كإحدى المجالات المعرفية والدراسية في المدرسة المعاصرة،تعد من أخصب المجالات، التي يمكن من خلالها استخدام الترفيه لتحقيق أهداف تعلمها وتعليمها، وذلك من خلال الأنشطة المتنوعة التي تتضمنها العلوم الطبيعية التي تتميز غالبيتها بكونها تنطلق من منطلقات ذات علاقة بالجانب الترفيهي، الأمر الذي له علاقة إيجابية بتنمية مهارات العلم لدى المتعلمين كالملاحظة والاستنتاج والقياس والتوقع والتفسير وغيرها،كما له علاقة إيجابية ببقاء أثر التعلم لديهم باعتبار أن التعلم يحدث هنا من خلال المشاركة بين فكر الطالب ويديه مما يجعله من أنجع أساليب التعلم على الإطلاق لموضوعات العلوم.
والمقالة الحالية تحاول توضيح العلاقة بين تعليم العلوم ومجالات الترفيه المختلفة، سواء منها ما يتصف بطابع التقليدية كالرحلات والمعسكرات،أو ما تأثر بطبيعة العصر الرقمية كالمتاحف الافتراضية والألعاب التعليمية الإلكترونية، وكيفية الاستفادة من كل هذه النماذج في تعليم العلوم.
لماذا الترفيه في تعليم العلوم؟
ظاهرة العزوف عن دراسة العلوم وتطبيقاتها،في مراحل التعليم المختلفة، ظاهرة تكاد تكون عالمية كما تؤكد ذلك الدراسات والبحوث التي أجريت حول هذا الشأن، والتي وجدت أن من أبرز أسباب ذلك، النظرة إلى العلوم على أنها مجال يتسم بالصعوبة والتعقيد. ولذلك برزت دعوات كثيرة ترى ضرورة مساعدة المتعلمين لتغيير هذه النظرة وتشجيعهم على الاستمتاع بدراسة العلوم وتطبيقاتها المتنوعة، من خلال التركيز على نواحي الترفيه والاستمتاع الكثيرة، التي تتوفر في مجال العلوم.
مجالات الترفيه في تعليم العلوم
هناك العديد من المجالات الترفيهية التي يمكن دمجها في تعليم العلوم، والاستفادة منها في تحقيق الأهداف التربوية لعملية تعليمها وتعلم موضوعاتها. وسوف يتم التركيز هنا على المجالات الأكثر ارتباطًا بالجانب الترفيهي، والمتوافقة مع تعليم مواد العلوم، بدرجة كبيرة، التي تنسجم مع مخروط الخبرة لادجار ديل حيث تترتب الخبرات التعلمية من قاعدة المخروط إلى القمة تصاعديًا، انطلاقا من الخبرات المحسوسة إلى الخبرات المجردة، وجميع تلك الخبرات يمكن تقديمها للمتعلمين في إطار ترفيهي، يحقق الغرض المنشود لدرس العلوم أو المادة التعليمية المرتبطة به.
وقد تم تصنيف مجالات الترفيه المرتبطة بتعليم العلوم، في هذه المقالة تحت مجالين رئيسيين:
- مجالات الترفيه ذات الطابع التقليدي.
- مجالات الترفيه ذات الطابع الرقمي الإلكتروني.
أولاً: مجالات الترفيه ذات الطابع التقليدي
- الرحلات التعليمية:
تعرف الرحلات التعليمية بأنها نشاط علمي تعلّمي هادف ومخطط ومنظم يتم خارج جدران قاعة الصف وعلى أرض الواقع (زيارة مصانع، غابات، متاحف، مؤسسات تعليمية...إلخ) بقصد تحقيق خبرات تعليمية علمية محددة وفق غايات تربوية معينة.
وتعد الرحلات التعليمية، من أفضل أساليب التعلم الترفيهي للعلوم، خاصة إذا ما تم الإعداد لها من قبل الجهة المنظمة إعدادًا جيدًا، بحيث تتوافق أهدافها مع موضوعات منهج العلوم الذي يدرسه المتعلمون داخل قاعة الصف. حيث توفر هذه الرحلات خبرات حسية متنوعة للمتعلمين، يصعب توفيرها داخل الصف، من خلال المشاهدة والملاحظة الطبيعية في البيئة الواقعية،الأمر الذي يسهم في تنمية المهارات العلمية لديهم بدءًا بالملاحظة، والقياس والاستنتاج والتفسير والتصنيف وانتهاء بكتابة التقارير. كما تنمي لديهم مهارات التفكير الناقد والقدرة على المناقشة وطرح الأفكار،الأمر الذي يسهم في تنمية شخصياتهم وإعطائهم الثقة بأنفسهم، فضلًا عن غرس الاتجاهات والميول الإيجابية نحو العلوم.
ولعل أبرز ما يميز الرحلات التعليمية العلمية هو توفيرها بيئة اكتشاف جيدة للمتعلمين، من خلال قدرتها على إثارة وتناول مشكلات حقيقية، ومواجهة المتعلمين بها، وإتاحة الفرصة لهم لدراستها، والتوصل إلى الاستنتاجات المتعلقة بها، مما يترك أثرًا بعيدًا لعملية التعلم قد يكون له دور في تحديد المستقبل المهني لأي منهم.
والرحلات التعليمية حتى تحقق الغاية المرجوة منها لابد من التخطيط الجيد والمسبق لها، وهذا التخطيط يشمل مرحلة ما قبل الرحلة من حيث أخذ الموافقات اللازمة، وإعداد البرنامج الزمني والعملي لمراحل الرحلة، وتحديد التكليفات المنوطة بكل فرد، إضافة إلى تجهيز الأدوات والمواد التي تتطلبها الرحلة. أما أثناء الرحلة فيتطلب الأمر هنا الإشراف على المتعلمين وتقسيمهم، وإثارتهم وتشجيعهم على الملاحظة لما يشاهدونه، وحثهم على التسجيل والدقة والمتابعة لجميع التفاصيل، تمهيدًا لإعداد وكتابة التقارير، وإجراء تقويم نهائي للرحلة للاستفادة منه مستقبلًا في الرحلات القادمة.
مقترحات لرحلات تعليمية مرتبطة بتعليم العلوم لمواقع داخل المملكة:
- زيارة المدن الصناعية في الجبيل وينبع (مصافي تكرير، مصانع البترو كيماويات...إلخ).
- زيارة مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية.
- زيارة مركز الأمير سلطان بن عبد العزيز للعلوم والتقنية (سايتك) في الخبر.
- زيارة الأماكن الجيولوجية (منجم مهد الذهب، حرات المدينة، فوهات البراكين الخامدة...إلخ).
- زيارة المناطق الطبيعية (المحميات الفطرية، الغابات...إلخ).
- زيارة الكليات العلمية الجامعية في (جامعة الملك فهد، جامعة الملك سعود، جامعة الملك عبدالعزيز...إلخ).
- زيارة حدائق الحيوان (توجد في الرياض وجدة والطائف).
- المعسكرات:
المعسكرات عبارة عن أماكن ذات تنظيم معين وتجهيزات خاصة، تقوم بإنشائها وإعدادها مؤسسات حكومية أو أهلية (وتعقد في فصل الصيف غالبًا) من أجل تحقيق أهداف تربوية واجتماعية، تتمثل في إتاحة الفرصة للمشاركين في ممارسة أنشطة ترفيهية وتعليمية متنوعة تختلف عما يمارسونه داخل المدرسة في الأيام العادية.
وتعد المعسكرات الترفيهية الطلابية، من بين الأدوات الناجحة في صقل شخصية الطالب وإخراجه من الأجواء الروتينية للدراسة والتعلم، وإدخاله في أجواء أكثر انفتاحًا وحركة وموهبة، تشحذ فيها الهمم، وتتقارب فيها الأفكار العلمية والتربوية من الأذهان، ويصبح للتعليم طعم آخر.
وثقافة المعسكرات الصيفية التي تقام في فصل الصيف، تعد بعدًا غائبًا في التربية العربية لم يلق الاهتمام الكافي حتى الآن، إذا ما قورن بواقعها في التربية الغربية التي يعد هذا النشاط فيها، أمرًا على درجة عالية من الأهمية، وجزءًا أساسيًا من العملية التربوية، لجميع المراحل والفئات الدراسية بدءًا من مرحلة رياض الأطفال وحتى المرحلة الجامعية.
وكمثال على ذلك، يمكن من خلال زيارة موقع:www.smm.org/warnernaturecenter/camp
الاطلاع على أنماط متنوعة من المعسكرات التي تقام للطلاب، التي ينظمها مركز مينسوتا للعلوم في الولايات المتحدة الأمريكية، حسب مستوياتهم الدراسية وفئاتهم العمرية.
فطلاب رياض الأطفال والمرحلة الدراسية الأولى والثانية (Grad k,1,2) وضعت لهم برامج متنوعة مرتبطة بمنهج العلوم، في هذه المعسكرات القصيرة الأمد، وهذا نموذج لأحد هذه البرامج :
الفئة المستهدفة
المرحلة الدراسية (Grad k,1,2 )
مدة المعسكر وتاريخه
3 -5 أيام ( 22ـ26 يونيو 2009 )
التكلفة
140 دولارًا للأعضاء 150 دولارًا لغير الأعضاء ( الشخص الواحد)
عنوان برنامج المعسكر
اكتشاف عجائب الماء
المحتوى
اكتشاف نوع الحياة حول وفي البحيرات والبرك في موقع المعسكر، والبحث عن الضفادع والعلاجيم والسلاحف والحشرات، والقندس. ممارسة التجوال في الغابة، ممارسة الألعاب المختلفة والاستماع للقصص
وهذا نموذج آخر لمعسكر للطلاب في المراحل الدراسية الثالثة والرابعة والخامسة (Grad3,4,5):
الفئة المستهدفة
المرحلة الدراسية (Grad 3,4 , 5 )
مدة المعسكر وتاريخه
5 أيام ( 20 ـ24 يوليو 2009 )
التكلفة
145 دولارًا للأعضاء 160 دولارًا لغير الأعضاء (الشخص الواحد)
عنوان برنامج المعسكر
دعونا نذهب لصيد الأسماك
المحتوى
يهدف هذا المعسكر إلى تعريف الطلاب بمهنة صيد الأسماك وإكسابهم مهارات صيدها، وإعطائهم نبذة عن علم بيئة الأسماك، والطرق الجديدة لصيد الأسماك في جو من المتعة والراحة مع توفير أقصى متطلبات الأمن والسلامة
وهناك المزيد من هذه البرامج المتنوعة التي يمكن للراغبين في المشاركة فيها التسجيل عبر الدخول لموقع المركز وتعبئة نموذج التسجيل الموجود فيه.
إن مثل هذه التجارب الناجحة والهادفة، في هذه البلدان التي طبقت هذا النمط من الأنشطة منذ زمن بعيد، جديرة باتباعها والأخذ بها وتكييفها لتصبح مكونًا أساسيًا في نظامنا التربوي، ويجب أن يسود الاعتقاد لدينا هنا في المملكة بأنه قد آن الأوان لإيجاد وتفعيل نشاط المعسكرات، وفق عملية مخططة تراعي التكامل بينها وبين المناهج الدراسية، وتخرج بها من الصورة النمطية التي أصبحت مألوفة لدينا حول المعسكرات التي ارتبطت بشكل كبير بالمجال الكشفي والمجال التوعوي، واقتصاره على فئات معينة من المتعلمين، إلى صورة أوسع وأجمل يصبح فيها هذا النشاط متعدد المجالات (ديني،علمي، ثقافي، تقني، اجتماعي رياضي...إلخ) ويشمل الجميع.
ثانيًا: مجالات الترفيه ذات الطابع الرقمي الإلكتروني.
- المتاحف الرقمية (الافتراضية) :
المتاحف الرقمية هي المتاحف التي تخزن مقتنياتها على شكل رقمي، بحيث يمكن الوصول إليها للمشاهدة والبحث والاسترجاع باستخدام تقنية المعلومات، وبحيث يمكن الدخول عليها من أي مكان وفي أي وقت ومن خلال شبكات الاتصال بمستوياتها المحلية والعالمية.
وهناك المتاحف الرقمية التفاعلية التي تعرف بأنها مراكز تعليمية تفاعلية تتيح للمتعلم قدرًا كبيرًا من التفاعل مع المادة المعروضة، وذلك لفهم الحقائق العلمية وربطها بالتطبيق، معتمدًا على مبدأ تشجيع لمس المعروضات بحيث يقوم المتعلم بنفسه بالتعامل مع المعروضات وتكوين الخبرة الذاتية بالعمل اليدوي.
وظهور هذا النمط من المتاحف جاء كنتيجة للتقدم الهائل في تقنية المعلومات والاتصالات وتطور وسائل التصوير المجسم، إضافة الى التوسع الكبير في استخدام الشبكة العنكبوتية العالمية (الإنترنت).
وقد أصبح هذا النمط من المتاحف عنصرًا رئيسيًا في مراكز العلوم التي بدأت تنتشر في العالم العربي وفي المملكة العربية السعودية، من خلال مواقعها على شبكة الإنترنت. ومن الأمثلة على هذا النمط من المتاحف الرقمية، متحف مركز سوزان مبارك الاستكشافي للعلوم في جمهورية مصر العربية، الذي يقدم جميع محتويات ومقتنيات المتحف على شبكة الإنترنت بحيث يتمكن أي شخص في العالم من الدخول إلى موقع المتحف والتجوال بداخلة لمشاهدة تلك المعروضات دون أي اعتبار للقيود المكانية أو الزمانية.
وهنا في المملكة يعد مركز الأمير سلطان بن عبد العزيز للعلوم والتقنية (سايتك) خطوة مهمة في سبيل نشر الثقافة العلمية والتقنية، في المجتمع السعودي، وما نتوقعه من الجهة المشرفة على هذا المركز هو إنشاء متحف افتراضي على موقع المركز على الشبكة العنكبوتية، وهو الأمر الذي سيسهم في تحقيق أهداف هذا المركز على نطاق واسع يشمل جميع مناطق المملكة، بدلاً من حصره على منطقة واحدة كما هو الحال الآن.
وتتميز هذه المتاحف الرقمية (التفاعلية) بعدد من المميزات ذات الفائدة التربوية من خلال:
- استثارة دافعية التعلم لدى الطلاب.
- التغلب على البعد الزماني والمكاني.
- تحقيق التعلم التفاعلي.
- تسهيل عملية التعلم.
- ربط المدرسة بالمجتمع.
- تقديم البرامج التعليمية لجميع فئات المتعلمين الأصحاء وذوي الاحتياجات الخاصة.
ونقدم هنا أمثلة لمتاحف رقمية افتراضية يمكن زيارتها والاستفادة منها في تعليم العلوم:
- مركز العلوم الاستكشافية في جمهورية مصر العربية www.Smsec.com
- المتحف الوطني الماليزي للعلوم
www.psn.gov.my
- متحف العلوم
www.sciencemuseum.org.uk
- المتحف الحيوي التفاعلي
www.hhmi.org
- متحف الكيمياء للحياة
www.chemforlife.org
- متحف مينسوتا للعلوم
www.smm.org
- متحف بوسطن للعلوم
www.mos.org
- متحف ليوناردو التفاعلي للعلوم
www.ba.infn.it/~zito/museo/leonardo1en.html.
- المتحف الافتراضي الصيني للعلوم
www.kepu.net.cn/gb/index.html
- متحف مركز انتاريو للعلوم
www.ontariosciencecentre.ca.
- متحف التاريخ الطبيعي (الديناصورات) http://paleobiology.si.edu/dinosaurs/index.html.
- الألعاب التعليمية الإلكترونية:
يقوم مبدأ استخدام الألعاب في عملية التعلم، على فكرة أن دمج التحصيل الدراسي مع التسلية يؤدي إلى توليد نوع من الإثارة والتشويق لدى المتعلم تسهم في تحسن اتجاهاته نحو عملية التعلم وتزيد من دافعيته ورغبته.
واللعبة التعليمية تعرف بأنها نشاط تعليمي يتضمن تفاعلًا بين المتعلمين (متعاونين أو متنافسين) في محاولة تحقيق أهداف محددة وذلك في إطار القواعد الموضوعية المحددة.
وكنتيجة طبيعية للتقدم العلمي في مجال الحاسب الآلي خلال السنوات العشرين الماضية، تطورت الألعاب من خلال دمجها بالحاسب الآلي وبرز مصطلح الألعاب الإلكترونية أو الحاسوبية التي تعرف بأنها نشاط منظم ومقنن يتم اختياره لتوظيف أهداف محددة يتفاعل فيها المتعلم مع الحاسب الآلي ويمارس التفكير ويتخذ القرار السريع بنفسه ويتعلم الصبر والمثابرة والتوصل إلى النتائج المعززة.
أنماط الألعاب التعليمية
أ. النمط التنافسي: وهذا النمط يتم من خلال المسابقات والمباريات التعليمية بين متعلم وآخر أو مجموعة متعلمين ومجموعة أخرى أو بين متعلم وجهاز تعليمي كالحاسب الآلي. حيث يكون هناك فائز وخاسر.
ب. النمط العلمي الاستكشافي: حيث تهدف إلى تنمية الابتكار والإبداع والتفكير لدى المشاركين من خلال الألعاب الإلكترونية وألعاب الفيديو والكمبيوتر التعليمية التي تستعمل استراتيجيات ذكية.
وأغراض الألعاب الإلكترونية في تعليم العلوم متنوعة فقد تكون لاكتشاف متناقضات أو التعرف على الخاصية التي تعتمد عليها فكرة معينة، أوالتدريب على مهارات التخمين، أو لغرض تعلم مفاهيم أو مبادئ معينة أو لغرض تنمية التفكير المنطقي.
المعايير الواجب توافرها في اللعبة التعليمية الإلكترونية
تتفق الأدبيات التربوية على أن اللعبة التعليمية حتى تكون عاملاً مساعدًا في عملية التعليم والتعلم، لابد أن تشتمل على عدد من المعايير ومن هذه المعايير:
- أن تكون للعبة أهداف واضحة مرتبطة بالمنهج المدرسي.
- أن تكون تعليمات اللعبة مختصرة وواضحة ومحددة وسهلة التطبيق.
- أن تتخلل اللعبة مهارات وعمليات تدريبية وظيفية.
- أن تشتمل اللعبة على عناصر الإثارة والتشويق والتعزيز لضمان استمرارية التعلم.
- أن تتضمن مستويات متدرجة من الصعوبة تناسب مستويات المتعلمين.
- أن يسهل ممارستها من قبل المتعلم في ضوء الإمكانات المتاحة.
ونعرض هنا لمجموعة من المواقع على شبكة الإنترنت التي توفر ألعابًا تعليمية ذات أهداف تربوية تتعلق بتعليم العلوم وغيرها من المواد الدراسية يمكن زيارتها والاستمتاع بلعبها ومن تلك المواقع :
- موقع http://www.iknowthat.com
الذي يحتوي على الكثير من الألعاب التعليمية مصنفة بالمواد الدراسية.
- موقع »اكتشف هذا»
http://www.discoverthis.com.
- موقع ركن الألعاب والأنشطة التعليمية
http://www.woodlands-junior.kent.sch.uk/Games/educational/.
- موقع ألعاب وألغاز الفضاء
http://www.bbc.co.uk/science/space/playspace/games.shtml.
- موقع ألعاب المخ
http://www.funbrain.com/kidscenter.html
- موقع ألعاب علمية
http://www.primarygames.com/science.htm.
- موقع نادي أطفال ناسا للألعاب
http://www.nasa.gov/audience/forkids/kidsclub/flash/index.html.
المراجع
• الحلفاوي، وليد ( 2006). مستحدثات تكنولوجيا التعليم في عصر المعلوماتية. ط1. دار الفكر عمان.
• خطايبة، عبدالله (2005م). تعليم العلوم للجميع. ط1، دار المسيرة للنشر والتوزيع : عمان الأردن.
• خداج، هشام (2007). الرحلات المدرسية التوأمة بين الترفيه والإفادة التربوية. المجلة التربوية،ع 41، تشرين الأول (أكتوبر). وزارة التربية والتعليم،سوريا.
• سليم، محمد صابر(2001م). «المدخل الجمالي في التربية العلمية».مجلة التربية العلمية، مج 4،عدد 4، ص ص 1ـ8.
• العبد المنعم، عادل (1430هـ). المعسكرات المدرسية الترفيهية تحفيز وتعزيز. موقع المسلم http://almoslim.net/node/83843. ( 6/6/2009م).
• عريفج، سامي وسليمان،نايف ( 2005م). أساليب تدريس الرياضيات والعلوم. ط1، دار صفاء للنشر والتوزيع : عمان الأردن.
• ميلر، سوزانا ( 1987م). سيكولوجية اللعب. ترجمة : حسن عيسى. سلسلة عالم المعرفة، رقم الكتاب 120، سبتمبر. الكويت.
• لبيب، رشدي (1986م). معلم العلوم. ط2، مكتبة الإنجلو المصرية: القاهرة.
• مطاوع، ضياء الدين (1421هـ).فعالية الألعاب الكمبيوترية في تحصيل التلاميذ معسري القراءة (الدسلكسيين) لبعض مفاهيم العلوم بالمرحلة المتوسطة في المملكة العربية السعودية. رسالة الخليج العربي، العدد 77، مكتب التربية العربي لدول الخليج، الرياض.
الذكاءات المتعددة
الذكاءات المتعددة
بقلم : د حسن الباتع عبد العاطي مصر 2009.11.16. 28 /11 /1430
المصدر المعرفة العدد 179
http://www.almarefh.net/show_content_sub.php?CUV=363&Model=M&SubModel=158&ID=465&ShowAll=On
أن يعتمد تقييم التلاميذ على طرق وأساليب متعددة الأبعاد، بحيث تغطي كل الجوانب لدى الفرد.
لم يكتب لنظرية أن تكون مألوفة وشائعة بالشكل الذي أصبحت عليه نظرية الذكاءات المتعددة، التي أصبح صاحبها «جاردنر» Howard Gardner من ألمع علماء النفس المعاصرين، والسؤال الذي يطرح نفسه هنا، ما سر شيوع هذه النظرية وانتشارها دون غيرها من نظريات الذكاء؟
يرجع الفضل في شيوع نظرية الذكاءات المتعددة ليس لكونها نظرية علمية بل جاءت من الدعم والجهود الكبيرة المبذولة في الدوائر التربوية التي تحاول تطبيق تلك النظرية في ميدان التربية والتعليم. حيث أوضح «جاردنر» أن نظرية الذكاءات أصبحت تمثل الإطار النظري والبناء الفلسفي للتربية وإعداد المناهج وطرق التدريس والتقييم في عديد من المدارس، لدرجة أنه توجد مدارس قائمة على فلسفة نظرية الذكاءات المتعددة، وبات يطلق عليها مدارس الذكاءات المتعددة MI Schools في الولايات المتحدة الأمريكية.
ويذكر أنه أثناء استعراض «جاردنر» للمصادر المختلفة لدراسة الملكات الإنسانية، كان يفكر في أفضل طريق يمكن الكتابة بها على اكتشافاته. فقد فكر في استخدام مصطلحات مثل Abilities, Gifts, Talents, Capacities, Skills, Potentials. ولكنه أدرك أن كل كلمة من هذه الكلمات لها عيوبها وغير ملائمة وأخيرًا اختار كلمة من علم النفس هي الذكاء Intelligence، وجمعها على غير قواعد اللغة لتصبح Intelligences، حيث إن كلمة ذكاء لا تجمع لأنها لا تعد. ويذكر «جاردنر»، إنه إذا كان اختار كلمة Seven مثلًا ربما لم تكن ستستحوذ أو تلفت الانتباه الذي حدث مع الذكاءات أو Frames of mind ورغم أن له عديدًا من المؤلفات غير أن نظرية الذكاءات المتعددة أعطته الشهرة. فهو يعرف الآن بـ «أبو الذكاءات المتعددة» Father of multiple Intelligences.
مفهوم الذكاء والذكاءات المتعددة
يرى «جاردنر» أن هناك براهين مقنعة تثبت أن لدى الإنسان عدة كفاءات ذهنية مستقلة نسبيًا يسميها «الذكاءات الإنسانية». أما الطبيعة الدقيقة لكل كفاءة ذهنية منها وحجمها فليست أمرًا محددًا بدقة، وكذلك الأمر فيما يتعلق بعدد الذكاءات الموجودة بالضبط، كما يرى أنه من الصعب أن نتجاهل وجود عدة ذكاءات مستقلة عن بعضها البعض نسبيًا، وأن بوسع الفرد وكذا محيطه الثقافي أن يشكلها أو يكيفها جميعًا بطرق متعددة، على أن مفهوم الذكاء لديه يختلف عن المفهوم التقليدي، فهو يعطيه معنى عامًا، إن الذكاء لديه هو القدرة على إيجاد منتوج لائق أو مفيد، أو أنه عبارة عن توفير خدمة قي�'مة للثقافة التي يعيش فيها الفرد. كما يعد الذكاء مجموعة من المهارات التي تمكن الفرد من حل�' المشكلات التي تصادفه في الحياة. وبهذا التعريف نجد «جاردنر» يبعد الذكاء عن المجال التجريدي والمفاهيمي ليجعله طريقة فنية في العمل والسلوك اليومي، وهو بذلك يعطيه تعريفًا إجرائيًا يجعل المربين أكثر تبصرًا بأهدافهم وعملهم.
إن الذكاء وفق «جاردنر» عبارة عن إمكانية بيولوجية يجد له تعبيره فيما بعد كنتاج للتفاعل بين العوامل التكوينية والعوامل البيئية، ويختلف الناس في مقدار الذكاء الذي يولدون به، كما يختلفون في طبيعته، كما يختلفون في الكيفية التي ينم�'ون بها ذكاءهم. ذلك أن معظم الناس يسلكون وفق المزج بين أصناف الذكاء، لحل مختلف المشكلات التي تعترضهم في الحياة. وبالتالي يظهر الذكاء بشكل عام لدى معظم الناس، بكيفية تشترك فيها كل الذكاءات الأخرى، وبعد الطفولة المبكرة لا يظهر الذكاء في شكله الخالص. ومعظم الأدوار التي ننجزها في ثقافتنا هي نتاج مزيج من الذكاءات في معظم الأحيان، فلكي تكون عازفًا موسيقيًا بارعًا على الكمان، لا يكفي أن يكون لديك ذكاء موسيقي، بل تكون لديك لياقة بدنية أيضًا، والمهندس ينبغي أن يكون لديه بدرجات متفاوتة، كفاءات ذهنية؛ ذات طابع فضائي ورياضي ومنطقي وجسمي.
موقف نظرية الذكاءات المتعددة من اختبار «بينيه» أو المعامل العقلي
تأسست نظرية الذكاءات المتعددة (MI) من خلال البحوث والدراسات التي أفضت إلى نقد المفهوم التقليدي للذكاء الذي يعتمد على اختبار الذكاء أو المعامل العقلي (QI)، الذي وضع في بداية القرن العشرين (1905) من قبل «بينيه» A.Binet وزميله «سيمون تيودور» لقياس التخلف الدراسي للتلاميذ بطلب من الحكومة الفرنسية آنئذ، إذ إن هذا الاختبار لمعامل الذكاء لا يقيس في الحقيقة سوى بعض القدرات لدى المتعلمين، فهو يركز فقط على دراسة المقدرة اللغوية والمقدرة المنطقية-الرياضية، ومن أظهر مقدرة جيدة في هذين الجانبين فإنه يتسم بالذكاء، وبالتالي يستوعب المواد الدراسية، ويمكنه ولوج المدارس العليا والجامعات؛ ولكن السؤال عن إمكانية نجاحه في الحياة بعد التخرج، فهي مسألة لا يستطيع التنبؤ بها، ثم هل النجاح في الحياة يقتضي فقط الإلمام الواسع باللغة والرياضيات والمنطق؟
وفي هذا الإطار، وجهت بعض الانتقادات لطريقة المعامل العقلي (QI) المتمثلة في اختبار«بينيه» والاختبارات الأخرى المنبثقة عنه، كاختبار«ستانفورد - بينيه»، واختبارات «كسلر» وغيرها، ومن هذه الانتقادات أن :
الإجابات المختصرة التي يقدمها الشخص المفحوص عن طريق الاختبارات لا تكفي للحكم على ذكائه.
المعامل العقلي مهما نجح في التنبؤ باستعدادات التلميذ في استيعاب المواد الدراسية، فهو غير قادر على تقديم تصور متكامل عن مختلف استعداداته العقلية، وتحديد ذكائه الحقيقي.
الكفاءة المهنية التي يتمتع بها بعض الناس، لا يمكن إرجاعها فحسب إلى مسألة الذكاء المجرد، بالمعنى التقليدي للذكاء، كما لا يمكن لمقاييس الذكاء المعروفة تقييم تلك الكفاءة.
وعليه فإن نظرية الذكاءات المتعددة تنطلق من مبدأ أشبه ما يكون بمسلمة لديها، وهو أن كل الأطفال البشريين العاديين يولدون ولديهم كفاءات ذهنية متعددة، منها ما هو ضعيف ومنها ما هو قوي. ومن شأن التربية الفعالة أن تنمي ما لدى المتعلم من قدرات ضعيفة وتعمل في نفس الوقت على زيادة وتنمية ما هو قوي لديه. إن نظرية الذكاءات المتعددة بعيدة عن ربط الكفاءات الذهنية بالوراثة الميكانيكية التي تسلب كل إرادة للتربية وللوسط الذي يعيش فيه الفرد وينمو. إنها نظرية تأخذ بنتائج الأبحاث في مجال علم الحياة، التي ما فتئت تبرز كل يوم المرونة الكبيرة التي يتميز بها الكائن البشري وخاصة في طفولته.
أنواع الذكاءات المتعددة
تتأل�'ف نظرية جاردنر في الذكاءات المتعد�'دة من عدد من أنواع من الذكاءات، أهمها حتى الآن ما يلي:
الذكاء اللغوي: يتضم�'ن الذكاء اللغوي حساسية الفرد للغة المنطوقة والمكتوبة، والقدرة على تعل�'م اللغات، واستعمال اللغة في تحقيق بعض الأهداف، فضلًا عن إنتاج وتأويل مجموعة من العلامات المساعدة على نقل معلومات لها دلالة. وإدراك المعاني الضمنية، والقدرة على الإقناع، كما يشتمل هذا الذكاء على القدرة على استعمال اللغة للتعبير عم�'ا يدور في النفس بشكل بلاغي أو شاعري، وأصحاب هذا الذكاء يحبون القراءة والكتابة ورواية القصص (الإنتاجات اللغوية)، كما أن لهم قدرة كبيرة على تذكر الأسماء والأماكن والتواريخ والأشياء قليلة الأهمية. وعادة ما يكونون من الكت�'اب والخطباء والشعراء، ويمتلك المعلمون بشكل كبير هذا النوع من الذكاء، وذلك بحكم استعمالهم الدائم للغة، كما يظهر لدى كتاب الإدارة وأصحاب المهن الحرة والفكاهيين والممثلين.
الذكاء المنطقي الرياضي: وهو القدرة على استخدام الأعداد أو الأرقام بفاعلية، وإدراك العلاقات المنطقية (السبب والنتيجة)، والتصنيف والاستنتاج، والتعميم واختبار الفروض، وكذلك القدرة على التفكير المنطقى، كما يشتمل الذكاء المنطقي الرياضي على: القدرة على تحليل المشكلات منطقيًا، وتنفيذ العملي�'ات الرياضية، وتحر�'ي القضايا علميًا. هذا النوع من الذكاء يغطي مجمل القدرات الذهنية، التي تتيح للشخص ملاحظة واستنباط ووضع عديد من الفروض الضرورية لإيجاد الحلول للمشكلات، وكذا القدرة على التعرف على الرسوم البيانية والعلاقات التجريدية والتصرف فيها، والمتعلمون المتفوقون في هذا النوع من الذكاء يتمتعون بموهبة حل المشكلات، كما يطرحون الأسئلة بشكل منطقي، ويمكنهم التفوق في المنطق المرتبط بالعلوم وبحل المشكلات. ويمكن ملاحظة هذا الذكاء لدى العلماء والعاملين في البنوك والمهتمين بالرياضات والمبرمجين والمحامين والمحاسبين.
الذكاء البصري المكاني: إنه القدرة على خلق تمثلات مرئية للعالم في الفضاء وتكييفها ذهنيًا وبطريقة ملموسة، كما يمك�'ن صاحبه من إدراك الاتجاه، والتعرف على الأماكن، وإبراز التفاصيل، وإدراك المجال وتكوين تمثل عنه. إن المتعلمين الذين يتجلى لديهم هذا الذكاء يحتاجون لصورة ذهنية أو صورة ملموسة لفهم المعلومات الجديدة، كما يحتاجون إلى معالجة الخرائط الجغرافية واللوحات والجداول، وتعجبهم ألعاب المتاهات والمركبات. كما أنهم متفوقون في الرسم والتفكير فيه وابتكاره. ويوجد هذا الذكاء عند المختصين في فنون الخط وواضعي الخرائط والتصاميم والمهندسين المعماريين والرسامين والنحاتين، ويمكن اعتبار «ميكيلانج» و«بيكاسو» نماذج من الشخصيات التي تجسد قمم هذا الذكاء.
لذكاء الجسمي-الحركي: يستلزم الذكاء الجسمي الحركي إمكانية استخدام كامل الجسم أو أجزاء منه لحل المشكلات، والقدرة على استخدام القدرات العقلية لتنسيق حركات الجسم، والقيام ببعض الأعمال والتعبير عن الأفكار والأحاسيس. كما يتضمن هذ الذكاء مهارات جسمية معينة كالتنسيق والتوازن والبراعة اليدوية أو العقلية والقوة والمرونة والسرعة، ويرى «جاردنر» أن�' النشاط العقلي والطبيعي له علاقة بهذا النوع من الذكاء. والتلاميذ المتفوقون في هذا النوع من الذكاء يتفوقون في الأنشطة البدنية والتآزر البصري الحركي، وعندهم ميول للحركة ولمس الأشياء بالحركات. وهذه القدرة عند الممثلين والرياضيين والجراحيين والمقلدين والموسيقيين والراقصين.
الذكاء الموسيقي: يتضم�'ن الذكاء الموسيقي القدرة على إدراك الموسيقى وتحليلها وإنتاجها والتعبير عنها، كما يعني الفهم الحدسي الكلي للموسيقى، أو الفهم التحليلي الرسمي لها، والمتميزون في هذا النوع من الذكاء يحبون الاستماع إلى الموسيقى، وعندهم إحساس كبير للأصوات المحيطة بهم. كما يستطيعون القيام بتشخيص دقيق للنغمات الموسيقية، وإدراك إيقاعها الزمني، والإحساس بالمقامات الموسيقية وجرس الأصوات وإيقاعها، وكذا الانفعال بالآثار العاطفية لهذه العناصر الموسيقية. نجد هذا الذكاء لدى المغنين وكت�'اب كلمات الأغاني أو الراقصين والملحنين وأساتذة الموسيقى والنقاد الفنيين.
الذكاء البينشخصي (الاجتماعي): يهت�'م هذا النوع من الذكاء بالقدرة على فهم نوايا ودوافع ورغبات الآخرين والتأثير عليهم، وإدراك الحالات المزاجية لهم ومقاصدهم، ودوافعهم ومشاعرهم، والحساسية للتعبيرات الوجهية والإيماءات، والتمييز بين المؤشرات المختلفة التي تعد هاديات للعلاقات الاجتماعية بصورة عملية، فضلًا عن العمل بفاعلية مع الآخرين. ويحتاج المربون ومندوبو المبيعات والتجار ورجال الدين والقادة السياسيون والمستشارون والأطباء إلى شكل متطو�'ر من هذه الذكاءات، والمتعلمون الذين لديهم هذا الذكاء يجدون ضالتهم في العمل الجماعي.
الذكاء الشخصي (الذاتي): يتمحور هذا النوع من الذكاء حول تأمل الشخص لذاته، وفهمه لها، وحب العمل بمفرده، ويتضمن قدرة الفرد على فهم انفعالاته ونواياه وأهدافه، والقدرة على التوافق مع النفس وفقًا للإمكانات، والتوافق مع الآخرين، وتقدير الذات وتأنيبها وقت الحاجة، ويتطلب ذلك أن يكون لدى الفرد صورة دقيقة عن نفسه (جوانب القوة والقصور) والوعي بحالاته المزاجية، وقدرته على الضبط، والفهم، والاحترام الذاتي، والمتعلمون المتفوقون في هذا الذكاء يتمتعون بإحساس قوي بالأنا، ولهم ثقة كبيرة بالنفس، ويحبذون العمل منفردين، ولهم إحساسات قوية بقدراتهم الذاتية ومهاراتهم الشخصية، ومن وجهة نظر «جاردنر» لابدأن نمتلك نموذجًا عمليًا فع�'الًا عن أنفسنا، بحيث نكون قادرين على استعمال المعلومات في حياتنا.
الذكاء الطبيعي: يتضمن هذا الذكاء القدرة على فهم الكائنات الطبيعية من نباتات وحيوانات، ويتضمن أيضًا الحساسية تجاه الظواهر الطبيعية الأخرى (مثلًا: تشكيلات السحب والجبال)، والأشخاص المتميزون بهذا الصنف من الذكاء تغريهم الكائنات الحية وملاحظتها وتصنيف الأشياء الطبيعية من نباتات وحيوانات، ويحبون الوجود في الطبيعة. ولعل «شارل داروين» و«ليني» و«جان روستاند» و«كوفيي» أفضل من يجسد هذا الصنف من الذكاء.
إن كل نوع من أنواع الذكاءات هذه يتراوح بين بعدين: أحدهما يمثل أقصى قمة من النمو والتطور، والآخر يمثل نواته وبدايته. وتبعًا لذلك فإن أي ذكاء يوجد بنسب مختلفة لدى الأفراد، تتراوح بين الضعف والقوة.ويؤكد «جاردنر» أن�' هذه الذكاءات نادرًا ما تعمل بشكل مستقل، فهي متم�'مة لبعضها البعض، وغالبًا ما تعمل في نفس الوقت عندما يستخدم الفرد مهاراته أو يحل مشكلاته.
هل هناك ذكاءات جديدة؟
بعد أن أعلن «جاردنر» عن هذه الذكاءات، بدأت تدور كثير من المناقشات بين أوساط المهتمين، هل هناك ذكاءات جديدة يمكن أن تضاف، أم أن�' هناك ذكاءات أوردها «جاردنر» يمكن أن تحذف؟ يقول «جاردنر»: يبدو لي اليوم أن هناك شكلًا آخر من الذكاء يفرض نفسه، وهو الذكاء الوجودي، وهو يتضمن القدرة على التأمل في المشكلات الأساسية كالحياة والموت والأبدية، وسيلتحق هذا الذكاء بقائمة الذكاءات السابقة بمجرد ما يتأكد وجود الخلايا العصبية التي يوجد بها، ويمكن اعتبار أرسطو وجان بول سارتر وكير كجارد نماذج ممن يجسد هذا الذكاء، إذا ثبت مكانه في الدماغ.
أهمية نظرية الذكاءات المتعددة في العملية التعليمية
تعد هذه النظرية من أبرز النظريات المستخدمة حاليًا في التربية والتعليم، وتكمن الأهمية في معرفة ما يتمتع به أبناؤنا وبناتنا في غرف الصف من ذكاءات وأي نوع يفوق الآخر في الفاعلية، وتحضير الدروس باستراتيجيات تتناول هذه الأنواع المختلفة من الذكاء لتفعيل طاقات جميع الطلاب والطالبات في الصف، ويمكن تلخيص أهمية نظرية الذكاءات المتعددة كما أكدتها الدراسات في النقاط التالية :
- تنمية شخصية التلميذ.
- تحقيق الاستيعاب والفهم والتميز، وتنمية وتطوير مستويات أداء التلميذ.
- بناء المهارات الأساسية لدى التلميذ
- بناء المهارات الأساسية في القراءة والكتابة والمواد الدراسية والعلوم والرياضيات.
- تنمية القدرة على التعامل مع الموضوعات الدراسية المعقدة.
- تنمية القدرة على القيادة.
- تنمية مهارات البحث والحاسوب والإنترنت.
- تنمية القدرة على الاستفادة من الدروس والبرامج التعليمية والتربوية بطريقة ذاتية.
- تحقيق التعلم التعاوني من خلال منهج المشروعات والاندماج في المجتمع والتفاعل مع قضاياه.
- تحقيق التقييم الأصيل Authentic Assessment.
مؤشرات لاكتشاف الذكاءات المتعد�'دة لدى المتعلمين
إن الممارسة التربوية والتعليمية والاحتكاك اليومي للمدرسين بطلابهم في مختلف المستويات التعليمية، يساعدهم على التعرف على أنواع الذكاءات التي لديهم، هذا فضلًا عما تقدمه مختلف أنواع القياس، من مصادر مختلفة، وبخاصة لدى أفراد الأسرة على توضيح ميولهم واهتماماتهم، وفيما يلي نعرض بعض المؤشرات السلوكية المساعدة على التعرف على أنواع الذكاءات لدى المتعلمين، بقصد مساعدتهم على التعلم المثمر والفع�'ال.
الذكاء اللغوي: من الممكن التعرف على الذكاء اللغوي لدى تلميذ ما من خلال المؤشرات التالية: القدرة على الحفظ بسرعة، وحب التحدث، والرغبة في سماع الأسطوانات، والألعاب اللغوية، وإظهار رصيد لغوي متنام، والشغف بقراءات الملصقات وقص�' الحكايات.ويتميز المتعلم الذي لديه هذا الصنف من الذكاء، بسرعة الحفظ لما يسمعه، وما هو مطالب بحفظه، ولا يجد في ذلك أي صعوبة، كما أنه يتعلم أكثر عن طريق التعبير بالكلام، وعن طريق السماع والمشاهدة للكلمات.
الذكاء المنطقي الرياضي: يمكن التعرف على هذا الذكاء لدى المتعلمين من خلال المؤشرات التالية: إبداء الرغبة في معرفة العلاقات بين الأسباب والمسببات، والقيام بتصنيف مختلف الأشياء ووضعها في فئات، والقيام بالاستدلال والتجريب. والرغبة في اكتشاف الأخطاء فيما يحيط بهم من أشياء، وتتميز مطالعتهم بالإقبال على كتب العلوم، أكثر من غيرها.
الذكاء البصري - المكاني: يمكن التعرف على هذا الصنف من الذكاء لدى المتعلمين من خلال المؤشرات التالية: أنهم يستجيبون بسرعة للألوان، وكثيرًا ما يدهشون للأشياء التي تثيرهم، وقد يصفون الأشياء بطرق تنم�' عن خيال، ويتميزون بأحلام حية، والقدرة على تصور للأشياء والتأليف بينها وإنشاء بنيات. وقد يقال إنهم «يبنون قصورًا من الرمال»، وهم من صنف المتعلمين الذين يحبون الرسم والصباغة، ولهم حس فائق في إدراك الجهات، ويجدون أنفسهم بسرعة في بيئتهم، ويدركون الأشكال بدقة، ويحبون الكتب التي تحتوي على عدة صور.
الذكاء الجسمي الحركي: من مؤشرات التعرف على الذكاء الجسمي الحركي، ما يلي: أن أصحابه قد مشوا في صغرهم مبكرًا، فهم لم يحبوا طويلًا، إنهم ينجذبون نحو الرياضة والأنشطة الجسمية، إنهم لا يجلسون وقتًا طويلًا، فهم في نشاط مستمر، وهم يحبون الرقص والحركة الإبداعية، كما أنهم يحبون العمل باستخدام أيديهم في أنشطة مشخصة كالعجين والصباغة... إلخ، ويحبون الوجود في الفضاء، ويحتاجون إلى الحركة حتى يفكروا، وكثيرًا ما يستخدمون أيديهم وأرجلهم عندما يفكرون، كما يحتاجون إلى لمس الأشياء حتى يتعلموا، كما يفضلون خوض المغامرات الجسمية كتسلق الجبال والأشجار، ولديهم تآزر حركي جيد، ويصيبون الهدف في عديد من أفعالهم وحركاتهم، ويفضلون اختبار الأشياء وتجريبها عوضًا عن السماع عنها أو رؤيتها.
الذكاء الموسيقي: يمكن التعرف على الذكاء الموسيقي لدى المتعلمين من خلال المؤشرات التالية: إنهم يغنون بشكل جيد، ويحفظون الأغاني بسرعة، ويحبون سماع الموسيقى والعزف على آلاتها، كما أن لهم حس�' الإيقاع، وقد يحدثونه بأصابعهم وهم يعملون، ولهم القدرة على تقليد أصوات الحيوانات أو غيرها.
الذكاء البينشخصي (الاجتماعي): يمكن التعرف على هذا الذكاء لدى التلميذ من خلال المؤشرات التالية: أنه حساس لمشاعر الغير، ويكوِ�'ن أصدقاءه بسرعة، ويسرع إلى التدخل كلما شعر بوجود مواقف صراع أو سوء تفاهم، كما يميل إلى إنجاز الأنشطة في جماعة، فهو يستوعب بشكل أفضل إذا ذاكر دروسه مع زملائه، وهو يطلب مساعدة الغير، عوضًا أن يحل مشاكله بمفرده، كما يختار الألعاب التي يشارك فيها الغير. وهو غير ضنين على غيره، بما يعرفه أو يتعلمه، وهو يحس بالاطمئنان داخل جماعته، كما قد يظهر سلوكه صفات الزعيم.
الذكاء الذاتي: من مؤشرات التعرف على هذا الذكاء لدى المتعلمين، ما يلي: إنهم كثيرًا ما يستغرقون في التأمل، ولديهم آراء محددة، تختلف في معظم الأحيان عن آراء الغير، ويبدون متأكدين مما يريدون من الحياة، ويعرفون نقاط القوة والضعف في شخصيتهم، ويفضلون الأنشطة الفردية، ولهم إرادة صلبة، ويحبون الاستقلال، ولهم مشاريع يسعون إلى تحقيقها.
الذكاء الطبيعي: يمكن التعرف على مؤشرات هذا الصنف من الذكاء لدى المتعلمين من خلال المظاهر التالية: إنهم يهتمون بالنباتات والحيوانات، ويقومون برعايتها، كما يظهرون شغفًا بتتبع الحيوانات وتربيتها وتصنيفها في فئات، وهم يحبون الوجود باستمرار في الطبيعة، ويقارنون بين حياة مختلف الكائنات الحية، كما تستهويهم المطالعة في كتب الطبيعة.
تأثير نظرية الذكاءات المتعددة على أسلوب التعليم والتعلم
لقد أحدثت نظرية الذكاءات المتعددة منذ ظهورها ثورةً في مجال الممارسة التربوية والتعليمية، حيث غي�'رت نظرة المدرسين لطلابهم، وأضحت الأساليب الملائمة للتعامل معهم وفق قدراتهم المختلفة، كما شك�'لت هذه النظرية تحديًا مكشوفًا للمفهوم التقليدي للذكاء، ذلك المفهوم الذي لم يكن يعترف إلا بشكل واحد من أشكال الذكاء الذي يظل ثابتًا لدى الفرد في مختلف مراحل حياته. فلقد رحبت نظرية الذكاءات بالاختلاف بين الناس في أنواع الذكاءات التي لديهم وفي أسلوب استخدامها، وهو ما من شأنه إغناء المجتمع وتنويع ثقافته وحضارته، عن طريق إفساح المجال لكل صنف منها بالظهور والتبلور في إنتاج يفيد تطور المجتمع وتقدمه.لقد كانت الممارسة التربوية والتعليمية قبل ظهور هذه النظرية تستخدم أسلوبًا واحدًا في التعليم، لاعتقادها بوجود صنف واحد من الذكاء لدى كل المتعلمين، الشيء الذي يفوت علي أغلبهم فرص التعلم الفع�'ال، وفق طريقتهم وأسلوبهم الخاص في التعلم. إن تعدد الذكاءات واختلافها لدى المتعلمين يقتضي اتباع مداخل تعليمية تعلمية متنوعة، لتحقيق التواصل مع كل المتعلمين الموجودين في الفصل الدراسي. كما أن النظام التربوي والتعليمي إلى وقت قريب كان يهمل عددًا من القدرات والإمكانات للمتعلمين.إن النظام التربوي سيحقق الكثير لو اهتم بالقدرات الذهنية التي لا تأخذها مقاييس المعامل العقلي في الاعتبار، وهذا ما اهتمت به نظرية الذكاءات المتعددة.
كيف يمكن تقوية الذكاءات المتعددة لدى الأطفال؟
يمكن تقوية الذكاءات المتعددة سواء أكانت قوية أم ضعيفة من خلال تحديد الأنواع القوية والأنواع الضعيفة باستخدام أحد مقاييس الذكاءات المتعددة، وبعد تحديد جوانب القوة والضعف يمكن استخدام أنشطة تعليمية متعددة مرتبطة بكل نوع من أنواع الذكاءات المتعددة لتقوية القدرات الضعيفة كما يأتي:
الذكاء اللغوي: يمكن تقويته من خلال الأنشطة الآتية:المحاضرات والمناقشات في مجموعات، وأوراق العمل، والمناظرات، وتسجيل كلمات الآخرين، وطبع الأنشطة الكتابية ونشرها، ورواية القصص.
الذكاء المنطقي- الرياضي:يمكن تقويته من خلال الأنشطة الآتية: حل المسائل الرياضية على السبورة، وخبرات حل المشكلات، وابتكار الرموز، والألعاب والألغاز المنطقية، والعرض المنطقى المتسلسل للموضوعات.
الذكاء البصري - المكاني: يمكن تقويته عن طريق: الصور والخرائط والرسوم التوضيحية، والتصوير الفوتوغرافي، وأفلام اليقظة المباشرة، واستخدام خرائط المعرفة، وخبرات التعرف على الصور.
الذكاء الجسمي – الحركي: يمكن تقويته من خلال الأنشطة الآتية: ابتكار الحركات، والتمثيل، وأنشطة التربية البدنية، واستخدام لغة الجسم وإشارات اليد للتواصل، وتدريب الاسترخاء البدني، واستخدام الصور الحركية.
الذكاء الموسيقى: يمكن تقويته عن طريق: الأناشيد والغناء، وسماع الموسيقى، وابتكار ألحان جديدة للمفاهيم والكلمات، وألعاب موسيقية حقيقية كالبيانو والآلات الأخرى.
الذكاء البينشخصي (الاجتماعي): يمكن تقويته من خلال الأنشطة الآتية: المشروعات المجتمعية، والتفاعل بين الأفراد، وجلسات العصف الذهنى، والتعلم التعاوني، والبرامج التفاعلية، والنوادي المدرسية، ومشاركة الأقران.
الذكاء الذاتي: يمكن تقويته من خلال الأنشطة الآتية: البرامج والألعاب الفردية، وأنشطة تقدير الذات، وأنشطة مراكز الهوايات، والتدريس المبرمج للتعليم الذاتي، وأنشطة المنهج التي تثير الدافعية وتنميتها.
الذكاء الطبيعي: يمكن تقويته من خلال الأنشطة الآتية: دراسة الطبيعة، والرحلات الميدانية البيئية، والعناية بالحيوانات والنباتات، والعمل في الهواء الطلق.
توصيات ومقترحات
في ضوء ما سبق وللاستفادة من نظرية الذكاءات المتعددة في العملية التعليمية يوصى بما يلي:
أن ينوع المعلمون الأنشطة التعليمية داخل حجرة الدراسة للوحدة الدراسية الواحدة بما يتناسب مع الذكاءات المتعددة للتلاميذ لكي يتمكن كل تلميذ من الاستفادة من النشاط الذي يوافق ذكاءاته.
أن يتم تعميم استراتيجيات التدريس القائمة على نظرية الذكاءات في التدريس لفئات خاصة.
أن يتم تعديل مناهج المراحل التعليمية المختلفة بحيث تعتمد أساليب تدريسهم على استغلال جوانب القوة في ذكاءاتهم المختلفة وفقًا لنظرية الذكاءات المتعددة؛ لأن البرامج الحالية تعتمد على تنمية جوانب ضعفهم فقط وتتجاهل جوانب القوة لديهم، والتي يمكن الاستفادة منها في دراستهم الأكاديمية.
أن تحتوي أساليب التدريس على أنشطة تنمي القدرات والمواهب الخاصة التي قد توجه لدى التلاميذ.أن يعتمد تقييم التلاميذ على طرق وأساليب متعددة الأبعاد، بحيث تغطي كل الجوانب لدى الفرد.
نموذج أبعاد التعلم لـ«مارزانو».. تعليم الطلاب عادات العقل المنتجة
نموذج أبعاد التعلم لـ«مارزانو».. تعليم الطلاب عادات العقل المنتجة
بقلم : د. مندور فتح الله 2010.03.10. 24 /3 /1431
المصدر :المعرفة العدد 180http://www.almarefh.net/show_content_sub.php?CUV=367&Model=M&SubModel=141&ID=574&ShowAll=On
عرف الفكر التربوي في السنوات الأخيرة تحولات تربوية مهمة، وانتقادات كبيرة لطرق تدريس العلوم التقليدية المتبعة في مراحل التعليم المختلفة (الابتدائي– الإعدادي – الثانوي)، ومن جملة هذه التحولات الاهتمام المتزايد بتنمية العادات العقليةHabits of Mind للتلاميذ، حيث إنها من أهم صفات الفرد المثقف علميًا.
وتدعو أساليب التربية الحديثة إلى أن تكون العادات العقلية، هدفًا رئيسًا في جميع مراحل التعليم بداية من التعليم الابتدائي، حيث يرى مارزانو Marzano,2000 أن العادات العقلية الضعيفة تؤدي عادة إلى تعلم ضعيف بغض النظر عن مستوانا في المهارة أو القدرة. كما يشير كوستا Costa,2001 إلى أن إهمال استخدام عادات العقل يسبب الكثير من القصور في نتائج العملية التعليمية؛ فالعادات العقلية ليست امتلاك المعلومات بل هي معرفة كيفية العمل عليها واستخدامها أيضًا، فهي نمط من السلوكيات الذكية يقود المتعلم إلى إنتاج المعرفة، وليس استذكارها أو إعادة إنتاجها على نمط سابق 2003Perkins.
ولما كان الواقع التعليمي يؤكد أن التلاميذ يفتقرون إلى استخدام العادات في مختلف النشاطات التعليمية والعملية في مادة العلوم (إبراهيم الحارثى،2002)، إضافة إلى أنهم يحفظون المصطلحات والمفاهيم العلمية دون فهم أو استيعاب (مجدي رجب ،2000) (ليلى حسام الدين و حياة رمضان،2006) Marzano,2000؛ لذلك فقد أكد المخططون لمناهج التربية العلمية على تضمين العادات العقلية في مناهج العلوم.
ومن المناهج التي تبنت عادات العقل المنهج الوطني البريطاني حيث أكد على ضرورة تنمية العادات العقلية التالية:(حب الاستطلاع، واحترام الأدلة، وإدارة التسامح، والمثابرة، والانفتاح العقلي، والحس البيئي السليم، والتعاون مع الآخرين) (National Curriculum,2005).
كما ظهر الاهتمام بالعادات العقلية من خلال عدد من المشاريع التربوية التي اعتمدت عادات العقل كأساس للتطوير التربوي، ومن هذه المشروعات مشروع الثقافة العلمية أو تعليم العلوم لكل الأمريكيين حتى العام 2061م. لمؤسسة التقدم العلمي الأمريكية(American Association for the Advancement of Science (AAAS), Project, 2061, 1993) حيث حدد المشروع عددًا من العادات العقلية التي يركز على تنميتها تعليم العلوم، ومنها (التكامل، والاجتهاد، وحب الاستطلاع، والانفتاح على الأفكار الجديدة، التشكك المبنى على المعرفة، ومهارات الاستجابة الناقدة، والتخيل، والعدالة...إلخ).
وفى مشروع باسم الملكة إليزابيث Project Queen Elizabeth(Q.E, 2004) لتنمية العادات العقلية أكد المتخصصون على تنمية العادات العقلية التالية (التفكير المرن، والاستماع إلى الآخرين، والسعي للدقة، والإصرار (المثابرة)، والفضول والمتعة في حل المشكلات، ورؤية الموقف بطريقة غير تقليدية) من خلال مناهج العلوم.
ويشير كوستا وجرمستون (Costa & Gamstom,2001) إلى أن تنمية العادات العقلية تتطلب من المعلمين استخدام أساليب تدريسية تساعد علي تجسيد الأفكار لاستيعابها، كما أنها ترتبط بمراحل النمو المعرفي؛ ولهذا يجب أن تكون الأنشطة التعليمية التي نسعى من خلالها لتطوير العادات العقلية مناسبة للمرحلة النمائية المعرفية للمتعلم.
وبينما ترى لوري (Lowery,1999) أن أحد الأسباب الرئيسة لفشل التعليم الرسمي هو أن المربين يبدؤون بالأمور التجريدية عبر المواد المطبوعة وعبر اللغة اللفظية بدلًا من الأفعال المادية والسلوكيات، والاتجاهات نحو الأشياء الحقيقية كالعادات العقلية، و يضيف هاروت وكلير(Hart&Keller,2003) أن انخفاض القدرة على الاستيعاب المفاهيمي قد يعزى إلى العادات العقلية التي يتبعها التلاميذ، وتؤكد روتا (Rotta,2004) إلى أن تنمية العادات العقلية يساعد في تنظيم المخزون المعرفي للمتعلم، وإدارة أفكاره بفاعلية وتدريبه على تنظيم الموجودات بطريقة جديدة والنظر إلى الأشياء بطريقة غير مألوفة لتنظيم المعارف الموجودة لحل المشكلات؛ فقد يفيد تدريس العادات العقلية في تنمية الاستيعاب المفاهيمي في مادة العلوم لدى تلاميذ المرحلة الابتدائية.
وظهرت تصنيفات متعددة لأبعاد العادات العقلية فقد صنف مارزانو وزملاؤه (1998) مكونات البعد الخامس (العادات العقلية المنتجة) إلى ثلاث مجموعات، وهي: (التفكير والتعلم على تنظيم الذات – والتفكير الناقد – والتفكير والتعلم الإبداعي)، كما حدد كوستا و كاليك(2002) ست عشرة عادة عقلية قابلة للتعلم و التدريب ظهرت في كتاب عادات العقل سلسلة تنموية، إضافة إلى أنها كانت محط اهتمام وتركيز علماء النفس المعرفي، حيث ظهر ذلك من خلال الدراسات والبحوث التي قام بها عدد من الباحثين التربويين وولف و براندت Wolfe&Brandt,1999))، ودياموند وهوبسون(Diamond&Hopson,1999)، ولاورى Lowery,1999)) كما أن قائمة العادات العقلية التي حددها كوستا وكاليك أوضح في التصنيف من قائمة العادات في نموذج مارزانو فهي محددة التعريف وشبه متفق عليها (إبراهيم الحارثى ،2002).
ولما كانت قائمة العادات العقلية التي حددها كل من كوستا وكاليك هي تطوير لقائمة مارزانو؛ فقد وقع الاختيار على خمس من العادات العقلية التي جاءت متفقة مع قائمة العادات العقلية التي حددها كل من كوستا وكاليك الست عشرة لتكون مجالا لهذه الدراسة.
وقد أشار بعض الباحثين المهتمين بتنمية العادات العقلية مثل كامبوى (Campoy,1999)، وكوستا وكاليكCosta & Kallick,2002))، و(يوسف قطامي وأميمة عمور، 2005)، و(يوسف قطامي ،2007) إلى أساليب متنوعة لتنمية العادات العقلية من خلال مناهج التعليم، إلا أن الباحث يتبنى في هذه الدراسة «نموذج أبعاد التعلم Dimensions of Learning Model لمارزانو وزملاؤه حيث إن هذا النموذج يستند إلى الفلسفة البنائية ويهتم بالتدريس كعملية استقصائية تهدف إلى فهم المتعلم لما يحدث حوله و التعامل معه، كما يؤكد على العادات العقلية.
وقد أجرى دوجارى وآخرونDujarj et al,1994)) دراسة أكدت تأثير اثنين مِن�' مكو�'ناتِ نموذج أبعاد التعلم لمارزانو في تنمية الاستيعاب المفاهيمِى والإلمام بعملياتِ العِل�'مِ في تدريس مقرر العلوم البيئية المؤهلة للجامعة، حيث وجدت فروق ذات دلالة عند مستوى (0.05) بين متوسطات درجات تلاميذ المجموعتين الضابطة و التجريبية لصالح المجموعة التجريبية في متغيرات الدراسة، كما أشارت (صفاء الأعسر، 1997) إلى أن تصميم نموذج مارزانو لإبعاد التعلم يتيح للمعلم إمكانية أن ينتقي من النموذج ما يناسبه فقد يرى الاكتفاء بالبعد الثالث الخاص بتعميق المعرفة وصقلها، أو البعد الرابع الخاص بالاستخدام ذي المعنى للمعرفة، وقد يرى الجمع بينهما، ويتوقف ذلك على ما يهدف إليه من استخدام النموذج ويتناسب مع طبيعة المناخ التعليمي.
ولما كان هناك إمكانية في التأكيد على استخدام أبعاد معينة دون أخرى في نموذج أبعاد التعلم لمارزانو؛ لذلك فقد رأى الباحث إمكانية استخدام نموذج أبعاد التعلم لمارزانو بصفة عامة مع التأكيد على البعدين الثالث والخامس بصفة خاصة لتنمية بعض عادات العقل.
مما سبق تتحدد مشكلة الدراسة في استقصاء فاعلية نموذج مارزانو لإبعاد التعلم في تنمية بعض العادات العقلية في مادة العلوم.
أولاً: نموذج أبعاد التعلم لمارزانو
Dimensions of Learning Model
ويشير مارزانو وكاندل ((Marzano& Kendal,1995 إلى أن التعلم يعد بمثابة نشاط مستمر يقوم به الفرد عندما يواجه مشكلة أو مهمة تمس، حياته فتولد لديه طاقة ذاتية تجعله مثابرًا في سبيل الوصول إلى حل هذه المشكلة وإنجاز تلك المهمة، وأن المتعلم يتوصل إلى المعارف و المعلومات من خلال بناء منظومة معرفية تنظم وتفسر خبراته من متغيرات العالم من حوله، وهذه المعرفة نفعية يستخدمها الفرد لتفسير ما يمر به من خبرات و مواقف حياتية.
وقد صنف (مارزانو و آخرون, 1999) أبعاد التعلم إلى خمسة أبعاد وهي :
البعد الأول: الاتجاهات والإدراكات الإيجابية نحو التعلم: Positive Attitudes and Perceptions Toward Learning
حيث يرى أن اتجاهات المتعلم وإدراكاته هي التي تكون كل خبرة من خبراته فبعض الاتجاهات تؤثر في التعلم بطريقة إيجابية والبعض الآخر يزيد من صعوبة التعلم، فقد وجدوا أن إدراك المتعلمين لقدراتهم على حل المسائل يعد عاملاً أوليًا وأساسيًا في أدائهم، وإذا أدرك التلاميذ أنهم ضعفاء في حل المسائل الرياضية فإن هذا الإدراك يتغلب على معظم العوامل الأخرى، بما في ذلك القدرات والمهارات الخاصة بالتعلم السابق(Silver & Marchal,1999).
وقد حدد مارزانو و زملاؤه (Marzano ,et al,1997) عاملين أساسيين يجب مراعاتهما في تنمية الاتجاهات و الإدراكات الإيجابية نحو التعلم وهما:
· مناخ التعلم Learning Climate يؤثر المناخ الصفي على التلاميذ بشكل كبير، فإذا أتيح للتلاميذ مناخ صفي جيد – بما يتضمنه من معلم وأقران وفصل دراسي – فسوف تتكون لديهم اتجاهات إيجابية نحو عملية التعلم في إطار هذا المناخ.
· المهام الصفية: Classroom Tasks تعد اتجاهات التلاميذ في المهام الصفية ذات أهمية في إنجاز المهام التي كلفوا بتحقيقها وإنجازها، فإذا ما توفر لدى التلميذ اتجاهات إيجابية نحو المهام الصفية فسوف يتم إنجازها بشكل جيد.
وقد حدد مارزانو Marzano,1995)) مجموعة من الأداءات التي يجب على المعلم مراعاتها في تدريسه لتنمية الاتجاهات و الإدراكات الإيجابية نحو التعلم وهي:
- استخدام أساليب تجعل المهام التدريسية ذات قيمة وضرورية للتلاميذ.
- التخطيط الجيد لمناخ ومهام التدريس لتكون في مستوى فهم التلاميذ و في مجال اهتماماتهم.
- تقديم نموذج للتلاميذ يوضح كيفية إنجاز مهمة تعليمية كاملة.
- تقديم تغذية راجعة إيجابية للتلاميذ.
- توفير المصادر والوقت والأجهزة والإرشادات الضرورية لإنجاز المهمة.
- إتاحة الفرصة للتلاميذ لإكمال المهام الصفية مفتوحة النهاية.
ويشير مارزانو إلى أن استخدام استراتيجية التعلم التعاوني يؤدي إلى زيادة التقبل والتفاهم بين التلاميذ بعضهم مع بعض وتقبل وجهات النظر الأخرى، وتكوين علاقات شخصية بين التلاميذ، وهو ما يمكن أن يولد شعورا واتجاهًا إيجابيًا نحو الجماعة والعمل داخلها، وبالتالي سرعة إنجاز المهام المراد تحقيقها (Huot,1996).
البعد الثاني: اكتساب و تكامل المعرفة Acquisition and Integration of Knowledge
يرى مارزانو وآخرون (1999) أن اكتساب المعرفة وتكاملها يتضمن استخدام ما نعرفه من قبل لكي نضفي معنى على المعلومات الجديدة، والتغلب على ما في المعلومات الجديدة من غموض، بحيث نستطيع استخدامها بسهولة ويسر نسبيًا، وأن هناك نوعين من المعرفة ينبغي على المتعلم أن يكتسبهما وهى كما بالجدول (1).
البعد الثالث: تعميق المعرفة و صقلها: Extending and Refining Knowledge
يعتقد مارزانو (Marzano,1997) أن التعليم الجيد يقتضى إثارة التساؤلات عن المعلومات والمهارات و إعادة صياغتها بشكل جديد، وأن هناك ثمانية أنواع من الأنشطة يمكن تفعيلها في الموقف التعليمي لمساعدة المتعلم على تعميق المعرفة و صقلها، وهى كما بالجدول (2).
البعد الرابع: الاستخدام ذو المعنى للمعرفة:Using Knowledge Meaningfully
إن اكتساب المتعلم للمعرفة وتعميقها ليس هدفًا في ذاته بل لابد من استخدام هذه المعرفة بصورة ذات معنى بالنسبة له عند قيامه ببعض المهام المرتبطة بحياته اليومية، وقد اقترح مارزانو بعض المهام التي يمكن من خلالها أن يقوم الفرد بالاستخدام ذي المعنى للمعرفة، و منها المهام الخمسة المبينة بالجدول(3).
ولقد اقترح مارزانو أن يستخدم المعلم استراتيجية المهام التعليمية لتدريب التلاميذ على الاستخدام ذي المعنى للمعرفة مع ضرورة أن تكون المهام التعليمية ذات بعد وظيفي لدى التلاميذ، بالإضافة إلى ضرورة مشاركة التلاميذ في بناء هذه المهام. (كأن يحدد الأسئلة بالاشتراك مع المعلم ويسعى المعلم للحصول على إجابات عنها في الموضوعات التي يدرسها)، كما يؤكد مارزانو ضرورة مراعاة المعلم لبعض الأداءات التالية عند استخدامه هذه الاستراتيجية مثل:- (مارزانو وآخرين،1999)
· تقديم وصف دقيق لخطوات أداء المهمة.
· إتاحة الفرصة للمتعلمين لإجراء التجارب والأنشطة في مجموعات متعاونة.
· مناقشة المتعلمين في مراحل المهمة و نتائجها.
· المساهمة في تعديل طرق تنفيذ المهمة وقت الضرورة.
· إتاحة الفرصة للمتعلمين لإجراء التجارب والأنشطة مرة أخرى، والتفكير في نتائجها.
البعد الخامس: عادات العقل المنتجة: Productive Habits of Mind
بالرغم من أهمية اكتساب التلاميذ للمعلومات، وتعميقها، واستخدامها بشكل ذي معنى، إلا أن اكتسابهم للعادات العقلية يعد هدفًا مهمًا لعملية التعلم، فهي تساعدهم على تعلم أية خبرة يحتاجونها في المستقبل.
ويعتقد مارزانو وآخرون (1999) أن عاداتنا العقلية تؤثر في كل شيء نعمله، والعادات العقلية الضعيفة تؤدي- عادة - إلى تعلم ضعيف بغض النظر عن مستوانا في المهارة أو القدرة، وأن أفضل الطرق التي يمكن استخدامها في اكتساب التلاميذ للعادات العقلية هو تهيئة المواقف، والأنشطة التعليمية التي تتطلب من التلاميذ ممارسة مهارات التفكير المختلفة للتوصل إلى المعلومات الجديدة التي يمكن توظيفها، واستخدامها في مواقف ومشكلات حياتية.
ومن خلال العرض السابق لنموذج مارزانو لأبعاد التعلم يمكن تحديد الأسس التي يقوم عليها تنظيم و تدريس المحتوى التعليمي وفقًا لهذا النموذج فيمايلي:
- عرض المفاهيم والأفكار الرئيسية للموضوع في البداية في صورة خرائط معرفية أو مخططات هرمية، أو صور، أو رسوم بحيث تبرز هذه الأفكار والمفاهيم بوضوح.
- صياغة مهام تعليمية وأنشطة تعليمية تقوم على تأكيد إيجابية المتعلم ومشاركته الفعالة في الموقف التعليمي لتحقيق الأهداف التعليمية المراد تحقيقه.
- تنوع الأنشطة التعليمية، لكي تتاح الفرصة لممارسة مهارات التفكير المختلفة، لتدريب التلاميذ على تعميق وصقل المفاهيم واكتساب العادات العقلية المطلوب التدريب عليها.
- تدريب التلاميذ في مواقف التعلم المختلفة على ممارسة العادات العقلية كاستخدام المعلومات السابقة في المواقف الجديد، والمثابرة، وعدم التهور، والاندفاع في إصدار الأحكام، واتخاذ القرارات، ومشاركة زملائه في التفكير التبادلي، والتساؤل والاستفسار عن المعلومات غير المعروفة لديه.
- عرض مواقف خاصة بالمتعلم مرتبطة بطبيعة مجتمعة، وحياته، ومشكلاته الدراسية، حيث تعتبر المشكلات الاجتماعية والشخصية أداة مهمة من الأدوات الأساسية في تنمية، وتعزيز العادات العقلية، خاصة تلك العادات المرتبطة بالحاجات العامة مثل الحاجة للأمان والتوافق الاجتماعي.
- استخدام نموذج أبعاد التعلم لمارزانو بأبعاده الخمس بصفة عامة، والتأكيد على البعد الثالث الخاص بتعميق المعرفة وتدقيقها للوصول إلى نهايات ونتائج جديدة، وذلك من خـلال تدريبه على أنشطة عقلية مختلفة مثل المقارنة، والتصنيف، وتحليل الأخطاء، والاستقراء، والاستنباط، وتحليل الرؤية، والتجريد، وكذلك التأكيد على البعد الخامس (العادات العقلية المنتجة)، من خلال التدريب على المقابلة بين الاختيارات البديلة، والتنبؤ بالنتائج والاستنتاج، وترتيب الأولويات؛ حيث يعتقد الباحث أن التركيز على هذين البعدين من نموذج مارزانو في التدريس، قد يفيد في تنمية الاستيعاب المفاهيمى والعادات العقلية.
وفي إطار الاهتمام بنموذج أبعاد التعلم مارزانو فقد أجريت دراسات قليلة – في حدود علم الباحث – استهدفت اختبار نموذج مارزانو واستخدامه في التدريس، ومن هذه الدراسات دراسة تارلتون (Tarleton,1992) والتي أكدت أن المجموعة التجريبية التي درست باستخدام نموذج أبعاد التعلم حققت تقدمًا في تعلم مهارات التفكير،بينما أكدت دراسة دوجارى((Dujari,1995 عدم وجود فروق ذات دلالة إحصائية عند مستوى 05و0 في تحصيل العلوم بين أداء المجموعتين التجريبية والضابطة،ودراسة (خالد الباز،2001) أكدت فعالية نموذج مارزانو لأبعاد التعلم في تدريس الكيمياء في تنمية التحصيل، والتفكير المركب،والاتجاه نحو المادة لدى طلاب الصف الأول الثانوي بالبحرين، كما أكدت نتائج دراسة هانت وبيل(Hant&Bell,2002) وجود فروق ذات الأبعاد ذات دلالة إحصائية بين مجموعتي البحث في التحصيل والاتجاه نحو المادة العلمية لصالح المجموعة التجريبية التي درست محتوى منظم بنموذج أبعاد التعلم الخمسة ودراسة (إبراهيم البعلى،2003) أكدت فعالية نموذج مارزانو أبعاد التعلم في تدريس العلوم في التحصيل، وتنمية بعض عمليات العلم لدى تلاميذ الصف الثاني الإعدادي، وجاءت نتائج دراسة (أسامة جبريل، 2003) تؤكد فاعلية نموذج أبعاد التعلم في تنمية بعض مهارات التفكير مثل (الاستنباط، والاستقراء، وتقديم الأدلة، وتحليل المنظور، وتحليل الأخطاء، والمقارنة، والتصنيف) من خلال تدريس وحدة تعليمية تم تخطيطها في ضوء الأبعاد الثلاث الأولى من نموذج أبعاد التعلم في تدريس العلوم لدى تلاميذ الصف الأول الإعدادي، كما أكدت دراسة (شيماء الحارون، 2003) فاعلية نموذج أبعاد التعلم في تنمية مهارات ما وراء المعرفة والتحصيل في مادة الأحياء لدى طالبات الصف الأول الثانوي، كما أسفرت نتائج دراسة (شرين العراقي،2004) فاعلية الأنشطة العلمية القائمة على نموذج أبعاد التعلم لمارزانو في تنمية مهارات التفكير لدى أطفال مرحلة رياض الأطفال، كما أكدت نتائج دراسة (محمد عبدالكريم حسانين،2006) فاعلية برنامج معد وفق نموذج أبعاد التعلم في تنمية المفاهيم الفيزيائية ومهارات التفكير المركب والاتجاه نحو تعلم الفيزياء لدى طلاب الصف الأول من المرحلة الثانوية، كما تتفق مع نتائج الدراسات السابقة نتائج دراسة (أماني الحصان،2007) والتي أكدت فاعلية نموذج أبعاد التعلم في تنمية مهارات التفكير والاستيعاب المفاهيمى في العلوم والإدركات نحو البيئة الصفية لدى تلاميذ الصف المرحلة الابتدائية.
ومن مراجعة نتائج الدراسات السابقة يتضح أن هناك تضاربًا وتعارضًا في نتائج بعض هذه الدراسات التي اختبرت فاعلية نموذج أبعاد التعلم على بعض المتغيرات التابعة، التي توصل إليها الباحثون من تطبيقهم لهذا النموذج فقد أوضحت دراسة (خالد الباز،2001) و دراسة (أسامة عبداللطيف،2003) ودراسة (إبراهيم البعلى،2003) ودراسة شيماء الحار ونى،2003) و(شيرين العراقي،2004) ودراسة (أماني الحصان،2007) فاعلية نموذج أبعاد التعلم في تنمية جوانب مختلفة من التفكير المركب و ما وراء المعرفة وعمليات العلم إضافة إلى التحصيل، بينما أشارت نتائج دراسة (Dujari,1995) إلى عدم وجود فروق دالة عند مستوى(05و0) بين تحصيل طلاب المجموعتين الضابطة والتجريبية، وأشارت دراسة (Tarleton,1992) إلى أنه في بعض الحالات لم تكن هناك فروق دالة إحصائيًا بين المجموعتين الضابطة والتجريبية، كما أوضحت دراسة أبثورب(Apthorp,2000) أن المعلمين لا يتجاوزون عادة البعد الأول عند التخطيط للدرس، وبشكل أقل بعد مهارات البعد الخامس، وبالتالي فالميدان بحاجة إلى مزيد من الدراسات التي تدعم النموذج أو تدحضه، وتدريب المعلمين على استخدام أبعاده إذا ما ثبتت جدواه.
ثانيًا: العادات العقلية
Habits of Mind
مفهوم العادات العقلية:
تعددت تعريفات العادات العقلية بتعدد وجهات النظر، والاتجاهات التي تناولته، وقد قسمها الباحث إلى عدة تقسيمات وفقا لمن جاءوا بها،كي يخلص بتعريف محدد للعادات العقلية في هذا البحث:
· الاتجاه الأول: يرى أن العادات العقلية نمط من السلوكيات الذكية يقود المتعلم إلى أفعال، وهي تتكون نتيجة لاستجابة الفرد إلى أنماط معينة من المشكلات، والتساؤلات شريطة أن تكون حلول المشكلات أو إجابات التساؤلات بحاجة إلى تفكير، وبحث، و تأمل (Perkins ,2001)، يتفق هذا التعريف مع مقولة المربي الأمريكي هوريس مان (1796-1859) بأن العادات العقلية عبارة عن (حبل غليظ نضيف إليه كل يوم خيطًا وفي النهاية لا يمكننا أن نقطعه، وأن التوجه نحو العادات العقلية يتوقف على الاعتقاد بأهمية العادات، والاعتقاد بأنها يمكن أن تكون في قبضة الذهن، والاعتقاد بأن الإنسان يستطيع إنجاز ما يتعلق بأهدافه) (يوسف قطامي،2004).
·الاتجاه الثاني: يرى أن العادات العقلية تركيبة، تتضمن صنع اختيارات حول أي الأنماط للعمليات الذهنية التي ينبغي استخدامها في وقت معين، عند مواجهة مشكلة ما أو خبرة جديدة، تتطلب مستوى عاليا من المهارات لاستخدام العمليات الذهنية بصورة فاعلة، وتنفيذها، والمحافظة عليها. (Feuerstein & Ennis,1999) ويتفق مع هذا الاتجاه في التعريف كوستا وكاليك حيث يعرفان العادات العقلية بأنها : القدرة على التنبؤ من خلال التلميحات السياقية بالوقت المناسب لاستخدام النمط الأفضل، والأكفأ من العمليات الذهنية من غيره من الأنماط عند حل مشكلة، أو مواجهة خبرة جديدة، وتقييم الفرد لفاعلية استخدامه لهذا النمط من العمليات الذهنية دون غيره أو قدرته على تعديله و التقدم به نحو تصنيفات مستقلة (Costa & Kallick,2000).
· الاتجاه الثالث: يرى أن العادات العقلية هي الموقف الذي يتخذه الفرد بناء على مبدأ أو قيم معينة، حيث يرى الشخص أن تطبيق هذا الموقف مفيد أكثر من غيره من الأنماط، ويتطلب ذلك مستوى من المهارة في تطبيق السلوك بفاعلية و المداومة عليه، ومن هذا التعريف يتضح أن العادات العقلية تؤكد الأسلوب الذي ينتج به المتعلمون المعرفة، وليس على استذكارهم لها أو إعادة إنتاجها على نمط سابق (يوسف قطامي، وأميمة عمور،2005).
ومن خلال استقصاء الباحث، وفهمه للتعريفات السابقة، توصل إلى التعريف التالي للعادات العقلية: (اتجاه عقلي لدى الفرد يعطي سمة واضحة لنمط سلوكياته، ويقوم هذا الاتجاه على استخدام الفرد للخبرات السابقة والاستفادة منها للوصول إلى تحقيق الهدف المطلوب).
تصنيف العادات العقلية:
كانت عادات العقل محط اهتمام وتركيز علماء النفس المعرفي، حيث ظهر ذلك خلال الدراسات والأبحاث، التي قام بها عدد من الباحثين التربويين ، فقد قام هايرل (Hyerle,1999) بتقسيم العادات العقلية إلى ثلاثة أقسام رئيسة، يتفرع منها عدد من العادات العقلية الفرعية على النحو التالي (خرائط التفكير، ويتفرع منها مهارة طرح الأسئلة، والمهارات العاطفية، ومهارة ما وراء المعرفة- العصف الذهني ويتفرع منها العادات التالية، الإبداع، والمرونة، وحب الاستطلاع وتوسيع الخبرة- منظمات الرسوم، ويتفرع منها العادات العقلية التالية المثابرة،و التنظيم، الضبط،والدقة)، أما دانيال Daniels,1994)) فقد قسم العادات العقلية إلى أربعة أقسام، هي (الانفتاح العقلي، والعدالة العقلية، والاستقلال العقلي، والميل إلى الاستفسار أو الاتجاه النقدي)، وقد صنف مارزانو وآخرون(Marzano et.al , 2003) مكونات البعد الخامس (عادات العقل المنتج) إلى (منفتح العقل، وعلى وعي بتفكيرك، وتقوم فاعلية أفعالك، وتدفع حدود معرفتك وقدراتك وتوسعها، وتندمج على نحو مكثف في مهام حتى حين تكون الإجابات أو الحلول غير واضحة على نحو مباشر)، وتوصل باول و آخرون( Paul et al,2000) إلى تحديد عدد من العادات العقلية تميز ذا الخبرة (السعي للدقة، ورؤية المواقف بطريقة غير تقليدية،و الحساسية للتغذية الراجعة، والمثابرة، وتجنب الاندفاعية)، وقدم كوستا كاليك Costa & Kallick,2000 قائمة بست عشرة عادة للعقل وهذه القائمة هي (المثابرة، والتحكم بالتهور، والإصغاء بتفهم، والتفكير بمرونة، والتفكير حول التفكير، والكفاح من أجل الدقة، والتساؤل وطرح المشكلات، وتطبيق المعارف الماضية على المواقف الجديدة، والتفكير والتوصيل بوضوح ودقة، وجمع البيانات باستخدام الحواس الخمس، والاستعداد الدائم والمستمر للتعلم، والتفكير التبادلي، والإقدام على مخاطر مسئولة القدرة، والتفكير الإبداعي، الاستجابة بدهشة ورهبة، وإيجاد الدعابة).الجدول رقم (4).
ويلاحظ أنه رغم الاختلاف في مراتب ومسميات و إعداد القوائم الخاصة بالعادات العقلية إلا أنها متشابهة في مضمونها إلى حد كبير ، فهي تؤكد حب الاستطلاع، و المرونة في التفكير، والمثابرة والتصرف المنطقي،و الإقدام وصنع القرارات، كما أنه من الخصائص البارزة لجميع القوائم احترام الإنسان وقدرته على صنع اختباراته بعد الحصول على المعطيات وعلى توجيه سلوكه الفكري.
الأهمية التربوية للعادات العقلية ودور تدريس العلوم في تنميتها:
يعد تنمية العادات العقلية هدفًا رئيسًا من أهداف التربية وتدريس العلوم، فقد أكد مشروع تعليم العلوم لكل الأمريكيين اثنتي عشرة عادة عقلية ينبغي أن يؤكد تدريس العلوم تنميتها و زرعها في نفوس المتعلمين في أثناء تدريس العلوم (AAAS,Project2061,1995)كما حدد منهاج ولاية نيوجرسي الأمريكية ستة أهداف تربوية في مجال العادات العقلية التي ينبغي تحقيقها عند جميع التلاميذ(Elias ,et al,1997).
و لأن العادات العقلية أحد أهداف تدريس العلوم، لذا ينبغي تنميتها لدى المتعلم طوال حياته، حتى يتعود على ممارسة العادات العقلية في التعامل مع الأمور المختلفة في الحياة اليومية، فلا يتأثر بكل ما يقال أو يثار- خاصة في عصر العولمة-، فأحد الملامح المؤهلة لدخول هذا العصر، هو ضرورة ممارسة العادات العقلية للتعامل مع المتناقضات في القضايا الفكرية، والعلمية، و الأخلاقية في المجتمع، ويؤكد تيشمان Tishman,2000)) أن تعلم العادات العقلية يرجع إلى الأسباب الأربعة التالية:-
· تنظر عادات العقل إلى الذكاء نظرة تركز على الشخصية وتؤكد المواقف والعادات وصفات الشخصية إضافة إلى المهارات المعرفية.
· تشتمل العادات على نظرة إلى التفكير والتعلم تضم عددًا من الأدوار المختلفة التي تؤديها العواطف في التفكير الجيد.
· تعترف عادات العقل بأهمية الحساسية التي تشكل سمة رئيسة من سمات السلوك الذكي مع أنها لا تحظى كثيرًا بما تستحقه من اهتمام.
· تشكل عادات العقل مجموعة من السلوكيات الفكرية التي تدعم الفكر النقدي و الإبداعى ضمن المواضيع المدرسية و عبرها وما بعدها.
يرى كوستا وليوري
Costa&Lowery,1991 أن تنمية العادات العقلية ضرورة تربوية قد يصعب استخدامها بصورة تلقائية إذا لم يتدرب عليها، فبعض التلاميذ يأتون من بيوت أو صفوف أو مدارس لا قيمة فيها لعادات العقل، وقد يشعر مثل هؤلاء التلاميذ بالفراغ، وربما يقاومون دعوات المعلم لاستخدام العادات العقلية، كما يؤكد باير( Beyer,2003) أن العادات العقلية يجب أن يمارسها المتعلم مرارًا و تكرارًا، حتى تصبح جزءًا من طبيعته، وأن أفضل طريقة لاكتساب وتنمية هذه العادات هي تقديمها إلى التلاميذ، وممارستهم لها في مهمات تمهيدية بسيطة، ثم تطبيقها على مواقف أكثر تعقيدًا.
ويرى مارزانو وآخرون(1999) أنه يمكن استخدام مجموعة من الخطوات، والإجراءات، والاستراتيجيات في مساعدة التلاميذ على اكتساب العادات العقلية في أثناء تدريس المقررات الدراسية المختلفة على أن يتم تعزيزها بصورة مباشرة وصريحة.
ومما سبق يتضح أنه يمكن استخدام الإجراءات التدريسية التالية في تنمية العادات العقلية (استخدام مواقف وأحداث مرت على بعض الشخصيات وعرضها على التلاميذ، واستخدام القصص المعبرة عن حياة الشخصيات العلمية، والاجتماعية في المجتمع، وعرض المشكلات الاجتماعية التي تمس حياة المتعلم،وطرح الأسئلة، والمناقشات بمخلف صورها الثنائية والجماعية)، ومن الدراسات التي اهتمت بالعادات العقلية دراسة دانيال Daniel,1994 التي بينت أن اكتساب الخبرات التعليمية يتوقف على ممارسة العادات العقلية والإلمام بها، أما دراسة باير (Beyer,1991) فقد أكدت أن استخدام التعبيرات المعرفية للعادات العقلية مع ممارسة العمليات المعرفية تصبح هذه التعبيرات جزءًا من ذواتهم فيمارسونها كجزء من حياتهم الشخصية، ودراسة دايمر (Dimmer,1993) أكدت تأثير الطرائف العلمية عن العادات العقلية للعلماء في تنمية التفكير الإبداعى و حل المشكلات، أما دراسة جولدنبرج (Goldenper,1996) فقامت باستقصاء العادات العقلية المنظمة للمنهج، وتأثير تدريس العادات العقلية كمنظم متقدم في تنمية مهارات التفكير، واكتساب المحتوى، بينما أكدت دراسة بيركنز و تيشمان(Perkins & Tishman,1997) فعالية تدريس القصص و الحكايات في تشجيع التلاميذ على ممارسة العادات العقلية،كما يضيف باركس(Perkins,1999) أن التلاميذ يكتسبون عاداتهم العقلية عندما يجبرون أو يوضعون في مواقف تجبرهم على طرح التساؤلات والاستجابة للتحديات، والبحث عن حلول للمشكلات التي تواجههم، وتفسير الأفكار، وتقديم التبريرات المنطقية والبحث عن المعلومات وأما دراسة (سميلة الصباغ وآخرون،2006) فأكدت توافر العديد من العادات العقلية بين الطلاب المتفوقين في الأردن و السعودية، إضافة إلى وجود فروق بين مستوى العادات العقلية بين الطلاب في السعودية والأردن لصالح الطلاب في السعودية.
الملخص:
· إن التدريس بنموذج أبعاد التعلم لمارزانو يؤكد فاعلية المتعلم داخل الموقف التعليمي من خلال المشاركة في الأنشطة، والتعاون في التفكير، المثابرة على الوصول إلى حلول للأنشطة، وتنفيذ التجارب، وهذه السلوكيات تساهم في تنمية واستيعاب المفاهيم كما تؤثر وبصورة إيجابية في تنمية عاداته العقلية.
· لما كانت تنمية العادات العقلية من خلال التدريس بنموذج مارزانو لأبعاد التعلم تتطلب إعادة تنظيم محتوى، وأنشطة كتاب العلوم فالدراسة الحالية توصي بإعادة النظر في تخطيط وتنظيم محتوى كتب العلوم في المراحل المختلفة لتضمين أنشطة و مهام تعليمية لتنمية العادات العقلية.
· لما كانت نتائج الدراسة قد أظهرت فعالية نموذج مارزانو في تنمية بعض العادات العقلية فإن الدراسة توصي بتدريب التلاميذ على عادات عقلية أخرى مرتبطة بمادة العلوم في مراحل التعليم المختلفة.
المراجع:
1. إبراهيم أحمد الحارثى (2002) العادات العقلية وتنميتها لدى التلاميذ.الرياض: مكتبة الشقرى.
2. إبراهيم عبد العزيز البعلى (2003) فعالية استخدام نموذج مارزانو لأبعاد التعلم في تدريس العلوم في التحصيل وتنمية بعض عمليات العلم لدى تلاميذ الصف الثاني الإعدادى مجلة التربية العلمية ، (1)9، 65-94.
3. إبراهيم توفيق غازي (2006) أثر استخدام استراتيجية طرح المتعلم للمشكلات على تنمية التحصيل الدراسي و تعديل المعتقدات حول دراسة الفيزياء لدى طلاب الصف الأول الثانوي. مجلة التربية العلمية. 1(9) 131- 192.
4. أحلام الباز حسن(2005) فعالية وحدة في علوم الأرض قائمة على البنائية لتنمية الفهم ومهارات الاستقصاء لدى تلاميذ الصف الخامس الابتدائي، المؤتمر العلمي التاسع للجمعية المصرية للتربية العلمية، معوقات التربية العلمية في الوطن العربي التشخيص والحلول الإسماعلية.
5. أرلين برغد و آخرون(2004) التفكير النقدي – مهارة القراءة و التفكير المنطقي ترجمة سناء العاني العي : دار الكتاب الجامعي..
6. أماني الحصان (2007)فاعلية نموذج أبعاد التعلم في تنمية مهارات التفكير والاستيعاب المفاهيمى في العلوم والإدراكات نحو بيئة الصف لدى تلميذات المرحلة الابتدائية رسالة دكتوراه غير منشورة كلية التربية للبنات الأقسام الأدبية الرئاسة العامة لكليات البنات.
7. إيهاب جودة طلبة (2006) فعالية خرائط الصراع المعرفي في تصحيح التصورات البديلة لبعض المفاهيم وحل المسائل الفيزيائية لدى طلاب الصف الأول الثانوي. مجلة التربية العلمية. 1(9) 55- 110.
8. المهدي محمود سالم (2001) تأثير استراتيجيات التعلم النشط في مجموعات المناقشة على التحصيل والاستيعاب المفاهيمى والاتجاهات نحو تعلم الفيزياء لدى طلاب الصف الأول الثانوي مجلة التربية العلمية (2)4 ،107-146.
9. آثر كوستا،وبينا كاليك(2002) استكشاف وتقصي عادات العقل ترجمة مدارس الظهران. الرياض: دار الكتاب التربوي لنشر و لتوزيع.
10. جابر عبدالحميد جابر (2003) الذكاءات المتعددة والفهم، تنمية وتعميق. القاهرة: در الفكر العربي.
11. حسن زيتون و كمال زيتون(1995) تصنيف الأهداف التدريسية محاولة عربية . الإسكندرية: دار المعارف.
12. خالد الباز (2001) فعالية استخدام نموذج مارزانو لأبعاد التعلم في تدريس مادة الكيمياء على التحصيل والتفكير المركب والاتجاه نحو المادة لدى طلاب الصف الأول الثانوي العام بالبحرين المؤتمر العلمي الخامس التربية العلمية للمواطنة الجمعية المصرية للتربية العلمية الإسكندرية 413- 447.
13. سنية محمد الشافعي (2005) فعالية وحدة تعليمية مقترحة في الكيمياء قائمة على التصميم الارتجاعي في تحقيق الفهم العلمي لتلاميذ المرحلة الثانوية العامة المؤتمر العلمي التاسع معوقات التربية العلمية في الوطن العربي التشخيص والحلول الإسماعلية 191- 228.
14. سميلة الصباغ وآخرون (2006) دراسة مقارنة لعادات العقل لدى الطلبة المتفوقين في المملكة العربية السعودية ونظرائهم في الأردن.
15. شيرين العراقي (2004) فعالية برنامج في الأنشطة العلمية في تنمية مهارات التفكير لدى أطفال مرحلة الرياض.رسالة دكتوراه غير منشورة كلية التربية جامعة عين شمس.
16. شيماء الحارون (2003) فعالية نموذج أبعاد التعلم في تنمية مهارات ما وراء المعرفة والتحصيل لدى طالبات الصف الأول الثانوي في مادة الأحياء رسالة ماجستير غير منشورة كلية التربية جامعة عين شمس.
17. صفاء الأعسر (1997) تنمية الإمكانات البشرية (التفكـير) قضية التعليم الكـبرى المؤتمر التربوي الأول: اتجاهات التربية وتحديات المستقبل. المنعقد في كلية التربية جامعة السلطان قابوس (7 ـ 10) ديسمبر . المجلد الثالث.
18. كارول توملينسون (2005) الصف المتمايز الاستجابة لاحتياجات جميع طلبة الصف ترجمة مدارس الظهران.الدمام: دار الكتاب التربوي للنشر و التوزيع.
19. كمال زيتون (2004) الإطار العملي لتقييم العلوم في ضوء الدراسة الدولية الثالثة للعلوم والرياضيات الأبعاد والمجالات المؤتمر العلمي الثامن الأبعاد الغائبة في مناهج العلوم بالوطن العربي فندق المرجان الإسماعلية المجلد الأول ص ص241-285.
20. مارزانو وآخرون(1998): أبعاد التعلم – دليل المعلم، ترجمة جابر عبدالحميد وصفاء الأعسر ونادية شريف، القاهرة: دار قباء.
21. محمد حسين الهادي (2005) الاكتشاف المبكر لقدرات الذكاءات المتعددة بمرحلة الطفولة المبكرة.عمان: دار الفكر.
22. مجدي رجب (2000) تصور مقترح لمناهج العلوم بالمرحلة الإعدادية في ضوء مستحدثات التربية و تدريس العلوم للقرن الحادي والعشرين. المؤتمر العلمي الرابع الجمعية المصرية للتربية العلمية التربية العلمية للجميع الإسماعلية 525-565.
23. منى صبحي الحديدي وجمال الخطيب(2007) دليل المعلم في التربية الوجدانية والاجتماعية لطلبة التعليم العام. الرياض: مكتب التربية العربي لدول الخليج.
24. وزارة التربية والتعليم (2003) برنامج تدريب المعلمين من بعد- استراتيجيات التدريس الفعال ومهاراته في العلوم للمرحلة الإعدادية. القاهرة: مشروع تحسين التعليم.
25. ليلى عبدالله حسام الدين و حياة رمضان(2006) فاعلية مدخل بناء النماذج العقلية في استيعاب المفاهيم وعمليات العلم والاتجاه نحو دراسة أجهزة جسم الإنسان لتلاميذ الصف السادس الابتدائي. المجلة التربية العلمية العدد الثاني 89- 137.
26. يوسف قطامي وأميمة عمور(2005) عادات العقل والتفكير النظرية والتطبيق. عمان: دار الفكر.
27. يوسف قطامي (2007) (30) عادة عقل. عمان : مركز ديبونو لتعليم التفكير.
28. American Association for the Advancement of Science. (1993). Benchmarks for science literacy New York: Oxford University Press.
29. Atheorp,H.(2000) Dimensions of learning evolution for Kirkland school district DC.htt;// http://www.mcrel.org/.
30. Beyer, B. (2003). Improving student thinking. The Clearing House, 71(5),
262-267
31. Beyer, B. (2001) What Research Suggests About Teaching Thinking Skills. In Costa, A. (Ed.) Developing Minds: A Resource Book for Teaching Thinking. Alexandria, VA: Association for Supervision and Curriculum Development
32. Brown ,F. (1995) Observing Dimensions of Learning in Classroom and schools ,Educational and Psychological Measurement,(58)3,229-234.
33. Costa, A.(2007) Building Amore Thought- Full Learning Community with Habits of Mind. (On-line). Available http://: www.habits-of-mind.net
الأربعاء، أبريل 07، 2010
ملف التفكير الجمعي groupthink د. مجدي رجب إسماعيل (قام بتجميعة وإعدادة)
ما هو التفكير الجمعي:
هل سبق لك حضور موقف تُناقشُ فيه جماعةٌ موضوعاً معيَّناً و في مجرى الحديث يتبين لك أن لديك ما تقوله مخالفاً للرؤية السائدة في المجموعة و لكنك التزمت الصمت؟ و هل فاجأك لاحقاً العلم بأن آخرين يشاركونك وجهة نظرك قد التزموا الصمت أيضاً؟ إن ما يجري معك في هذا المثال و مع كلِّ البشر هو ما يسميه إيرفنغ يانيس Irving Janis بالتفكير الجمعي groupthink.
التفكير الجمعي نمطٌ من محاكمةِ الحقائق و الآراء يتقدمُ فيه الحفاظُ على تماسك المجموعة cohesiveness وسيادتها solidarity على البحثِ في الوقائع بحثاً موضوعياً.
بسبب الضغط الملح على التوافقية تكفُّ المجموعاتُ الأفرادَ عن رفع الصوت بوجهات النظر التقويمية الناقدة التي لا تحظى بالقبول أو الخارجة عن المألوف. و نتيجةً لذلك يتدهور لدى الفرد كفاءته العقلية، و اختباره للحقائق، و حكمه الأخلاقي.
بدأ تناول هذه الظاهرة في العصر الحديث على يد ليفاين Lewin في ثلاثينات القرن العشرين و أثبتت الدراسات و التجارب اللاحقة ارتباط التفكير الجمعي مع كلِّ حالات الإضرار بقدرة المجموعة على التقويم الموضوعي للبدائل و التوصل إلى القرار الجماعي الأمثل.
كيف يحدث التفكير الجمعي و ما هي مظاهره السلوكية:
تتهيأ الفرصة لحدوث التفكير الجمعي عند حضور عوامل مهيِّئةٍ معينة. و من أهمِّها:
1-شدة تماسك المجموعة و تقارب أو توحُّد الخلفيات الاجتماعية و الثقافية لعناصرها.
2- انعزالُ المجموعة عن الآراء و الأجواء المخالفة أو المناقضة.
3- حكمُ المجموعةِ من قبلِ قائدٍ إيعازي directive مسيطر بنشرُ في أجوائها اتجاهاته الفكرية و مواقفه المفضلة ويشجِّعُ على التقيَّدِ بها و ليسَ الاستنادِ عليها كركيزة للنمو و المتابعة.
4- إحاطة المنظمة بأحوالٍ خارجية و داخلية تعزز الميلَ نحو التماسك و الاندماج المطلق مثل: التهديدات الخارجية الخطيرة، أو حالات الفشل الذريع السابقة، أو مواجهة مصاعب شديدة في صناعة القرار، أو مواجهة المآزق الفكرية.
و بعدَ سيطرةِ التفكير الجمعي على المجموعة فإننا نلاحظ في سلوكياتها المظاهر التالية:
1- تقتصرُ نقاشاتها على مساحاتٍ محددةٍ من البدائل دونَ مبررٍ واضحٍ مفهوم، و نلاحظُ أن الحلولَ المقبولةَ من الأغلبية في مرحلةٍ سابقة لا يتمُ التعرضُ لها لاحقاً إلاَّ ببطءٍ شديد و على استحياء- إذا حدث ذلك فعلاً- و الخياراتُ المرفوضة من قبل الأغلبيةِ سابقاً تبقى مستبعدةً و لا تراجعُ لاحقاً مهما تغيرت الظروف.
2- لا تنساقُ المجموعةُ بسهولةٍ إلى استشارات الخبراء – و لا تطلبها أصلاً- و نلاحظُ أيضاً حضور الانتقائية في اختيار و تفضيل المعلومات المتاحة لديها.
3- تمتلئ المجموعة بالثقة المطلقة بأفكارها الحالية – أو يبدو عليها ذلك- فلا تهتمُّ برسم الخطط الاحتياطية.
4- يفسر أعضاء المجموعة لأنفسهم بأنفسهم أية مقاومة للافتراضات التي يضعونها.
5- يمارس الأعضاء ضغطاً مباشراً على من يستعرض شكوكه حول أيٍ من وجهات النظر السائدة أو من يشكك في سلامة البراهين التي تؤيدها الأغلبية.
6- يتجنَّب الأعضاء الذين لديهم شكوك أو يحملون وجهات نظر مختلفة الخروجَ عمَّا يبدو توافقاً جماعياً.
7- يخيم على الموقف موالاة وهمية حيث يفترض أن السكوت هو علامة الرضا.
ضغط المجموعة و التفكير الجمعي أمثلة واقعية:
تجربة سلومون آش على انسجام المجموعة:
تناولت دراسة سلومون آش ٍٍSolomon Ash مجموعات من سبعة أو ثمانية أشخاص يجلسون في غرفة الصف و يُطلب منهم المقارنة بين بطاقتين لدى الباحث.
تحتوي إحدى البطاقتين على عمودٍ واحد و الثانية على ثلاثة أعمدة متفاوتة الطول. أحد الأعمدة الثلاثة في البطاقة الثلاثية مطابق للعمود المبين في البطاقة الأحادية، و الفرق بين أطوال الأعمدةِ واضح جداً لا يكادُ يتركُ مجالاً للخطأ, و المطلوب في هذه التجربة هو أن يُعلِنَ موضوعُ التجربةِ بصوت مسموع عن أحدِ الأعمدةِ الثلاثة الذي يراهُ مطابقاً للعمود المنفرد.(موضوع التجربة subject هو الشخص الخاضع للتجربة).
ترى ماذا سيحدث حين يأخذُ كلُّ أعضاء المجموعة بإعلانِ إجابات خاطئة؟ هل سيؤدي الضغط نحو الانسجام مع المجموعة بالعضو غير المتشكك إلى تغيير إجابته مسايرةً لإجابات الآخرين؟ هذا ما يريد آش التحقق منه.
دُرِّبت المجموعات بحيث يكون العضو غير المتشكك هو الوحيد الذي لا يعلم بأن التجربة مدبرة، و رُتِّبت مقاعد الجلوس بحيث يكون هو آخر من يدلي بقراره. ابتدأت التجربة بمجموعتين متماثلتين من التدريبات و أعطى كلُّ مواضيع التجربة الإجابات الصحيحة.
لكن في المجموعة الثالثة تعمَّدَ أعضاءُ المجموعة إعطاءَ إجابات خاطئة قائلين –مثلاً- بأن العمود C هو المطابق لـ X. ثمَّ يصل الدور إلى موضوع التجربة غير المتشكك.
إنه واثق من أن السطر المطابق هو B و لكن الجميع قالوا بأن المطابق هو C، و القرار الذي يواجهه هو: هل سيعلن على الملأ تصوراً مختلفاً عن المواقف المعلنة للآخرين؟ أم سيدلي بإجابة يعلم حقاً بأنها خاطئة حتى يكون رده متوافقاً مع بقية أعضاء المجموعة؟
انساق إلى التوافق 35% من مواضيع آش المختبرين عبر الكثير من التجارب و المحاولات. أي أدلى مواضيعُ الاختبار بإجابات يعلمون خطأها لا لشيءٍ سوى أنها مسايرة لإجابات بقية أعضاء المجموعة.
كارثة مكوك الفضاء تشالنجر درسٌ آخر باهظ الكلفة:
في الثامن و العشرين من كانون الثاني عام 1986 شهدت سماء فلوريدا درساً دامياً باهظ التكلفة و مثالاً قاسياً على أضرار التفكير الجمعي و الانجراف مع تماسك المجموعة! انفجرَ المكوك بملاحيه السبعة بعد إطلاقه بفترة وجيزة وكان وراء الحادثة التفكيرُ الجمعي فكيف كان ذلك؟
1- خُطِّطَ لتنفيذِ الإطلاق أصلاً في الثاني و العشرين من ذلك الشهر و لكن سلسلةً من العراقيل أجَّلت الموعد أياماً.
2- كان علماء وكالة أبحاث الملاحة الجوية و الفضاء الأمريكية NASA يتحرقون على إطلاق المكوك و إتمام المهمة و في تلك اللحظات الحاسمة و قبيل موعد الإطلاق بيومٍ واحد فاجأهم أحدُ المهندسين بمخاوفه من مشكلاتٍ محتملة في الفواصل المطاطية التي تحمي خزانات الوقود في صواريخ التعزيز.
3- نوقشت المشكلة في اجتماعاتٍ عدة على الهاتف و كان القرارُ النهائيُّ هوَ المضيُّ في عملية الإطلاق.
4- بدت على مجموعة صناعة القرار أعراض التفكير الجمعي:
- تجاهلوا أو استخفُّوا بالتحذيرات التي تناقض أو تعرقل هدف المجموعة.
- سيطرت عليهم ثقةٌ مطلقة بصحَّةِ قراراتهم و تصرُّفاتهم و هكذا أخفقوا في الغوص و تحليل كل المخاطر المحيطةِ بها.
- بالإضافة إلى العوامل السابقة أُخمدت أصوات الأقليَّة من المهندسين المعارضين لعملية الإطلاق و الواقفين بوجه التيار العام بسبب الاتجاه العام الضاغط نحوَ عدمِ تأجيل الإطلاق لأن ذلك التأجيل لم يكن مناسباً في وقتٍ تتوجه فيه كلُّ الأنظار نحو الناسا و مشروعها الجماهيري الذي اكتسبَ سمعةً و قبولاً هائلين في أوساط العامة.
فقد كانوا بصدد إرسالِ أوَّلِ معلمة إلى الفضاء و كانَ مجلس النواب بصدد إقرارِ ميزانيةِ دعمٍ هائلةٍ للوكالة لقاء ذلك المشروع.
5- كان لذلك المزيج من سوء التقدير و التفكير الجمعي و العوامل الخارجية نتيجةٌ واحدة: كارثة!
تناثرت أشلاء المكوك و ملاحيه في الفضاء و انقطعت سلسلة النجاحات الخارقة و انتهى سجل السلامة المشرِّف.
كيفَ نخفف الآثار السلبية للتفكير الجمعي:
يقترح الباحثون تقليص آثارِ الإلحاح على تماسك المجموعة و التفكير الجمعي من خلال نشرِ الظروف التالية في بيئة المنظمة و دمجها جوهرياً في ثقافتها:
1- طرد الخوف و تشجيع العناصر على البوح بآرائهم و عدم التردد في انتقادِ كلِّ ما حولهم و تأكيدُ أن الهدف الأول للعمل هو تحقيق المصلحة التنظيمية و ليسَ إرضاء المدراء و لا إرضاء الزملاء إرضاءً شخصياً.
2- أن تجتنب القيادةُ طلبَ الآراء مع الإيحاءِ في الوقتِ ذاته بالرأي المفضَّلِ لديها سلفاً و تشجيعِ إعلانه و تبنِّيه.
3- تشكيلُ مجموعاتٍ مستقلة متعددة و تشجيع النقاشات المفتوحة.
4- مناقشةُ الأمور مع أفرادٍ من خارج المجموعات و إدخالُ عناصرَ متجددة إليها لإدخال أفكارٍ متجدِّدة.
5- حضور القائد الموضوعي النزيه الساعي إلى قبول مشاركة كل الأعضاء.
6- حضورُ واحدٍ من الأعضاء على الأقل في كلِّ اجتماع و قيامه بدور محامي النقيضين devil"s advocate.
لا يتردَّدُ محامي النقيضين في استجواب و تحليل أي حقيقة مهما كانت و كائناً من كان القائل بها فرداً أو جماعة.
و رغم المعنى السلبي الذي توحي به تسميةُ " محامي النقيضين" في بعض المواقف فإنَّ حضوره هو مقياسُ اختباري لسلامةِ القرارات و صحة البيئة التي تتخذُ فيها.
إعداد هيئة تحرير مجلة عالم الابداع
http://www.afkaaar.com/html/article970.html
........................................................
التفكير الجمعي وسلبياته
مناقشة الهم العام حقٌّ مشاع للجميع من منطلق أن الأمر يعنيهم ويمس حياتهم سواء اليومية أو الوظيفية أو الدينية أو الاقتصادية، والتفكير الجمعي للمجتمع أياً كان هذا المجتمع، لا يمكن أن يكون صائباً وبدرجة كبيرة لأنه لا يرتكز على أساسيات علمية ومعرفية وخبرات ناتجة عن الممارسة الفعلية. من هنا نجد أن الغوغائية الفكرية سمة مصاحبة لهذا التفكير الجمعي، لأنها لا تحكمها ضوابط التأمل والتفكير والتمحيص ولا تحكمها الظروف المحيطة بهذا الهم العام .. لذلك نجد أن طرح أي مشكلة اجتماعية مهما كانت أهميتها بالنسبة للمجتمع، يتم التعاطي معها من خلال التفكير الجمعي والذي أشرنا إلى أنه تتحكم فيه الغوغائية الفكرية بنسبة كبيرة جداً، بل إن الجميع يناقشه وكأنه من أصحاب العلم والاختصاص مما يؤدي إلى تعطيل الحلول التي يتم طرحها من قِبل المختصين ... السؤال هنا لماذا لا نعطي أصحاب الاختصاص فرصتهم في الدراسة والتحليل والتقييم وإيجاد الحلول، من منطلق أنهم هم الأدرى والأعرف والأقدر على مواجهة تلك المشاكل الاجتماعية؟
عندما يتم التعاطي مع مشكلة ما ويتم طرح الحلول لها، نجد أن هناك من ينبري للتصدي لها بدون الأخذ بها ودراستها وتقييمها وعرضها على بساط المنافع والمضار، الشيء الملفت للنظر أن هؤلاء يقومون بالتصدي بدون أن يكونوا مؤهلين علمياً وثقافياً ومعرفياً وأيضا لم يكونوا مؤهلين اجتماعياً بمعنى أنهم ليسوا من أهل الحل والربط المجتمعي. وهم لتحقيق هدفهم يسعون إلى التأثير على التفكير الجمعي بدون أن يلموا باحتياجات بقية أطياف المجتمع نتيجة لعدم قدرتهم على ذلك، لأنهم يفتقدون إلى الوسائل التي تمكنهم من الاطلاع على تلك الاحتياجات.
من هنا نجد أن ترك مناقشة وتقرير الحلول لأي مشكلة اجتماعية مهما كانت، نجد أن ترك ذلك لأصحاب الاختصاص ليتولوا دراستها وتحليلها وإيجاد الحلول من جميع جوانبها الاجتماعية والاقتصادية والدينية أمر مهم يصب في مصلحة المجتمع بعيداً عن المعطلات الاجتماعية التي يتم استخدامها من قبل التفكير الجمعي الذي تنقصه أدوات الحل الفعال.
ليست هذه دعوة لمصادرة الرأي للمجتمع، أو دعوة لتعطيل التفكير الجمعي عن التعاطي والتفكير والمناقشة والتفاعل مع الهم العام، لا، ولكنها دعوة إلى ترك الأمور لأصحابها وإعطاء كلٍّ مجاله حسب موقعه وحسب قدراته على العمل لما يتوفر لديه من أدوات للحل، وحتى لا يتم استخدام هذا التفكير الجمعي لتعطيل الحلول وتقييد قدرة أصحاب الاختصاص على العمل.
http://www.al-jazirah.com.sa/2008jaz/mar/25/rj5.htm%20المصدرد. عقاب بن غازي بن عميرة
................................................................
ويسمى التفكير الجمعي بـ
تفكير القطيع
Definition from ويكيبيديا:
تفكير القطيع
من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
اذهب إلى: تصفح, ابحث
تفكير القطيع أو تفكير الجماعة نوع من التفكير لدى أفراد الجماعات عندما تحاول تخفيف الصراع والوصول لاتفاق بدون التفكير المنطقي وتحليل وتقييم الأفكار، حيث يتجنب الأفراد طرح أفكار تخالف روح الجماعة.
Example sentence(s):
* تفكير القطيع أو تفكير الجماعة نوع من التفكير لدى أفراد الجماعات عندما تحاول تخفيف الصراع والوصول لاتفاق بدون التفكير المنطقي وتحليل وتقييم الأفكار، حيث يتجنب الأفراد طرح أفكار تخالف روح الجماعة ويكيبيديا
Votes in favor of/against selecting this as the best translation of the term asked
No Ahmad Wadan: استخدام كلمة قطيع يناسب أكثر الماشية والدواب لذا أراه استخدام في غير محله مع تقديري لويكيبيديا
47 days
التفكر الجماعي
التفكير الجمعي
الفكر الجماعي يطلقها علماء النفس على الجماعات التي يمكنها التوصل إلى قرارات خاطئة وسيئة جدًا، لأن عمليات التفكير لدى أفرادها قد تتخذ منحى منحرفًا!
Example sentence(s):
* ووجد المتخصصون أن متخذي القرار كانوا ضحية لما اسماه التفكير الجمعي والتي سبب الهزيمة لأمريكا فهذا النوع من التفكير قد تكون له اثاره السلبية فقد تعتقد بعض الجماعات أو الدول القوية والتي قد يصل بها الحال إلى الإيمان القوي المطلق بانه من الصعب أن تكون على خطأ في نظرتها للأمور وذلك نظراً لمركزها الاجتماعي وبالتالي حتى الآخرين يقتنعون بأنه من المستحيل أن تكون هذه المجموعة على خطأ Alriyadh
............................................زززززززززززززززززززززززززززز
التفكير الجمعي: الماهية والحتمية
التفكير الجمعي: الماهية والحتمية
المصدر
http://forum.z4ar.com/f97/t5123.htmlعبد الله البريدي
يشير التفكير الجمعي إلى لون من التفكير التراكمي المرتبط بالذاكرة الجمعية في سياقها التاريخي والجغرافي. والتفكير الجمعي لا يوجه تفكير بعض أفراد المجتمع فحسب وإنما يصطبغ به عموم الأفراد؛ إذ إنه يشكّل الإطار العام لتفكير المجتمع، بل المصنع الذي تصنّعُ داخلَه (الأجهزة المعرفية) التي يتم تركيبها في عقول الناس، وتتكوّن تلك الأجهزة من (منظومة) و(أخلاط) من المعتقدات والقيم وطرائق التفكير وأدوات التحليل والمفاهيم والمصطلحات، كما تعبئ تلك الأجهزةُ العقولَ بكمية من العادات، والاتجاهات حيال القضايا والأحداث والأشخاص، وقواعد السلوك الصحيحة والخاطئة، تقل تلك الكمية أو تكثر وذلك بحسب قوة أو هيمنة التفكير الجمعي.
ويعني ذلك أن التفكير الجمعي (ينمّط) تفكير عموم أفراد المجتمع تجاه القضايا والمشاكل والأزمات العامة، ويلبسهم (نظارةً حضاريةً) يُبصرون بها ويقيّمون ويخططون وينفّذون ويحبون ويكرهون!.
وهذه إيجابية للتفكير الجمعي - تماماً كما التفكير الروتيني مفيد في حياتنا اليومية - حيث يجهّز التفكيرُ الجمعيُ المجتمعَ برأي عام (تلقائي) و(مبدئي)، كما يبرمج الفعل الاجتماعي تجاه بعض القضايا والمشاكل والأخطار التي تهدد المجتمع، وفعالية التفكير الجمعي وجودة برمجته تقلّل من حجم (الجهد الثقافي)؛ إذ لا يحتاج المجتمع أن يبذل جهوداً ثقافية كبيرة تجاه كل قضية أو مشكلة أو خطر يطرأ من أجل صناعة رأي عام أو برمجة الفعل الاجتماعي، حيث يتشكّل ذلك الرأي أو الفعل تلقائياً بموجب التفكير الجمعي لا الجهد الثقافي، وهذا يجعل المجتمع يصرف جهده الثقافي في ممارسة نقدية واعية لمدى صوابية ذلك الرأي العام التلقائي ودرجة عقلانية تلك البرمجة الاجتماعية المبدئية، ويجتهد المفكرون في محاولات جادة للكشف عن الثغرات والثقوب وتحديد أي من الافتراضات التي يجب استصحابها وأيها يجب إزالتها!.
ويعد التفكير الجمعي بهذا الوصف ظاهرة حتمية الوقوع، لا ينفك عنها أي مجتمع إنساني، بل لا يعد المجتمع كذلك إلا إذا كان يتوافر على نوع من التفكير الجمعي الذي يميز ذلك المجتمع عن غيره.
خطورة التفكير الجمعي!
ثمة خطورة بالغة فيما يتعلق بالتفكير الجمعي تنبثق من سطوته على عقول الناس وقدرته على (عجنها) وتشكيلها بشكل آلي، ليس ذلك فحسب، بل وقدرته على صناعة عقوبات نفسية أو فكرية أو قانونية رادعة لكل من يُفكر في وجوب الانفلات من قبضة التفكير الجمعي في قضايا أو مجالات يرى أن التفكير الجمعي لا يلائمها؛ نظراً لأنه مؤسسُ على مجموعة من الخرافات والأساطير أو لأنه مبنيٌّ على بعض الافتراضات التي لم تعد صحيحة أو سائغة تجاه تلك القضايا، وينتج عن هيمنة التفكير الجمعي (سحق) النظّارات الخاصة التي يجب أن يرتديها كل فرد في المجتمع والتي تعكس بعض الفروقات الإنسانية في دائرة (التنميط) الثقافي الحضاري العام تجاه تلك القضايا والمشاكل.
وتسوء الأوضاع في حالة مأسسة التفكير الجمعي وحصوله على دعم وتأييد وحماية من قبل بعض المؤسسات المؤثرة وذات السطوة في المجتمع سواء كانت ذات طابع ثقافي أو سياسي، وهنا تكمن خطورة كبيرة، حيث تلعب بعض المؤسسات التقليدية - والتي تفتقر إلى التأهيل أو الشرعية أو كليهما - دور الرقيب والقاضي، فتُنزل العقاب الجزائي - بمختلف أنواعه - على كل من َيخرج أو يحاول الخروج عن (جادة) التفكير الجمعي ويتنكب (للإجماع) الذي تدعيه تلك المؤسسات وتباركه!، خاصة أن التفكير الجمعي لدى المجتمعات شديدة التماسك في نسيجها الاجتماعي يتجه إلى التلبس بنوع من (العصمة)؛ نظراً الى حصول الإجماع أو شبه الإجماع في رؤاهم وقراراتهم وتصرفاتهم، كما يقودهم ذلك إلى إشكالية ضخمة أخرى وهي أنهم يتورطون وبشكل مباشر بلون من (التزكية الأخلاقية)، تزكية شبه مطلقة لما يصدر عن تفكيرهم الجمعي، مستفيدين من خطبائهم وبلغائهم الذين يجهدون لبناء (طوق) حماية من الاختراقات التي قد تمزق إهاب التفكير الجمعي!.
هذه حقائق أحسب أنه لا يمكن ردها أو التشكيك في تواجدها في المشهد الاجتماعي.. ويصح هذا عندنا وعند غيرنا، ولكن بمقادير وقوالب وأشكال مختلفة!.
الدعوة إلى الفردانية لإزهاق التفكير الجمعي!
ُيُلح بعضُ المفكرين العرب على خطورة التفكير الجمعي وضرورة بث الوعي بخطورته وآفاته لدى مختلف الشرائح، وينادي بعضهم بغرس النزعة الفردية (أو الفردانية) في التفكير باعتبارها سمة للمجتمع المتحضر أو الآخذ بالتحضر، وهذا شيء جيد أو يمكن أن يكون جيداً بمعنى أكثر دقة، إلا أنه ومع ذلك يتوجب علينا أن نلفت الأنظار في هذا السياق إلى جملة من الإشكاليات الخطيرة التي يتسم بها ذلك الطرح.
فالإشكالية الأولى تتمثل في أن بعض المفكرين العرب مهووس بفكرة (الفردانية) Individualism كما هي في الفكر الغربي، ويطالب مجتمعاتنا العربية باعتناقها، متأثرين ببعض الأطروحات الغربية كأطروحة الباحث الهولندي المعاصر (جيرت هوفستد
Geert Hofstede)، الذي يصنّف ? وفق
الثنائية الغربية السطحية - المجتمعات الإنسانية إلى: مجتمعات فردانية ومجتمعات جمعية، إضافة إلى تصنيفات ثنائية أخرى مثل: درجة اختلاف القوة بين شرائح المجتمع، والذكورة والأنوثة، والتعامل مع الغموض.
وينقل للأسف بعض المفكرين العرب - ميكانيكياً - أطروحة الفردانية/ الجمعية ويدعون للفردانية بحماس أهوج، دون أي نقد للأساس الفلسفي والمنهجي لتلك الأطروحة، ومن غير أن يكلفوا أنفسهم بمناقشة مدى صحة التصنيف الثنائي للمجتمعات الإنسانية، والأخطر والأشنع أن ذلك التصنيف يتم من قبل باحثين لا ينتمون للإطار الثقافي الحضاري للمجتمعات التي يتم تصنيفها أو (طبخها) في (قدر) البحث العلمي!، وكأن الباحثين الغربيين يمتلكون (الحق) و(القدرة) على تفصيل أثوابنا بمقاساتهم هم!، والكارثة أن (هوفستد) ذاته له كتاب بعنوان: (الفروق الثقافية بين الأمم في دائرة الأعمال.. نجاح الإدارة العربية رهن بالثقافة الوطنية لا بالنظرية الوافدة).
وكم نتمنى لو يقيس المفكرون العرب مستويات (الأنفة الثقافية) لديهم وهم يسوّقون تلك الأطروحات والأفكار التي (تسلبك) الحق في إعطاء مقاسات وتقاطيع جسدك للحائك.. فهم كمن يلزمك بأن ترتدي ملابس غيرك وبمقاساته أيضاً، فهم لا يعنيهم أن تكون تلك الملابس أكبر أو أصغر من اللازم.. المهم أن ترتديها... حالة مأساوية وهوان ثقافي مُريع!!.
كما أن المفكرين العرب يتجنّبون أو يتجاهلون مدارسة التطبيق الحياتي لتلك الفكرة وبيان آثارها كما هي في حياة الغربيين بشكل نقدي. وينبني على نهج أولئك المفكرين مجموعةٌ من الإشكاليات التفصيلية، التي من بينها تهميش كامل أو شبه كامل لخصوصيتنا الثقافية الحضارية ونسيجنا الاجتماعي وأمزجتنا الخاصة، وهذا إخلال كبير بمرحلة (التشخيص) في عملية الهندسة الاجتماعية؛ الأمر الذي قد يفضي إلى التخبط في (هندسة البناء) الاجتماعي بما في ذلك ارتكاب الأخطاء في: اختيار نوعية (الطوب والأسمنت)، أو الأدوات الملائمة للبناء، أو طريقة البناء الصحيحة، وحالهم في هذا كمَن يبني بيتاً في صحراء جرداء ويُميلُ شرفات بيته في الطابق العلوي مع أنه يخسر مساحات نظراً لميل الجدران، لِمَ يفعل هذا؟ لمحاكاة البيت الآخر في الضفة الأخرى التي لا يكاد ينقطع عنها مطر السماء.. تماماً كما نجد التصاميم العمرانية في مدننا وقرانا التي ينعتونها ب (الحديثة) ويتفاخرون بها.. ونكاد للأسف لا نسمع أي استهجان أو استنكار من قبل الفعاليات الثقافية أو الهندسية!.
أما الإشكالية الثانية المترتبة على تبني المفكرين العرب أطروحة الفردانية وفق الفكر الغربي، فهي أنهم يبدون كما لو كانوا يجهلون حتمية التفكير الجمعي كظاهرة اجتماعية، حتمية الوجود والتأثير؛ الأمر الذي لا يشجعهم على بذل أي جهد ثقافي يذكر للإفادة من التفكير الجمعي من خلال تعظيم ثمراته وإيجابياته وتقليل مخاطره وآثاره السيئة.
وهذا ُيبرز أهمية تصدينا في هذا العمل الفكري لمبحث الذكاء الجمعي في سياق هندسة مجتمعاتنا العربية، حيث ننطلق من مسلّمات الظاهرة الاجتماعية ولا نقفز على إشكالياتها، بل نعترف بها ونحاول أن نتصدى لها من خلال إطارنا الثقافي ونظراتنا الفلسفية ومنهاجنا العلمي ونسيجنا الاجتماعي.
وبعد أن خلصنا إلى استحالة الانعتاق التام من التفكير الجمعي والإشارة إلى بعض سماته، تثور أسئلة مهمة مفادها: ما أبرز الفوائد الفعلية التي يمكن لنا قطفها في مجال الهندسة الاجتماعية إن نحن اعترفنا بظاهرة التفكير الجمعي من حيث الوجود والتأثير؟ وبعبارة أخرى يمكننا القول: لماذا نعمل على زيادة ذكاء مجتمعاتنا العربية؟ وهل ثمة تطبيقات عملية تعضد ما نذهب إليه؟
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)