المنـهج الرقمي Digital Curriculum
أد/ مجدي رجب اسماعيل
فرضت تداعيات العلوم وتقنيات العصر تحديات كبيرة على الأمم دفعتها إلى إحداث تغيرات سريعة ومتتابعة في نظمها التربوية ، وأملت عليها إعادة النظر في مناهجها التربوية والتعليمية ، ولمجابهة هذه التحديات تضاعفت الحاجة إلى تطوير بنية التعليم بتحديث طرائقه وأساليبه ومناهجه كي يتقبلها ويفيد منها المتعلم الذي تحيط به وسائل تقنية المعلومات والاتصال من كل جانب ويتعرض للمعلومات في كل زمان ومكان . ويستدعي هذا التحديث الاعتماد على الوسائل الإلكترونية بديلاً ملحاً ومتطلباً آنياً يتيح للطلاب إمكانية اكتساب المهارات الأساسية التي تعينهم في تعاملهم مع العصر الرقمي الذي يجتاح مناحي الحياة كلها . ودون الاستثمار الجدي والفعال لهذه المهارات ستعجز المدارس والمناهج الدراسية عن إعداد جيل ممسك بمعطيات المعرفة العلمية .
ولذا ظهر مفهوم المنهج الرقمي كأحد المفاهيم التي يدور حوله كثير من النقاش والجدل الناتج عن اختلاف الفلسفات التربوية ، وتباين أساليب الاستخدام والتوظيف الذي انعكس على التحديد الإجرائي لهذا المفهوم ، حيث ير ى البعض أن المنهج الرقمي أحد المفاهيم التي دخلت في التعليم الإلكتروني ، في حين يرى آخرون أن المنهج الرقمي هو المنهج التكنولوجي الذي يعبر عن منظومة إنتاجية تسعى إلى استخدام وتطبيق التكنولوجيا وما تقتضيه من تشغيل منطقي للعمليات العقلية في عرض وتخزين وتحليل واستدعاء المعلومات للعملية التعليمية من خلال مواد وبرامج ذات أهداف سابقة التحديد ، وإلى استخدام خطوات تتابعيه في عملية التعلم مبنية على أسس من علم السلوك بما يتضمنه من نظرية التعلم السلوكية والتعلم الشرطي التاثيري أو الإجرائي (وليم عبيد،مجدي عزيز،1999،81)، بينما يرى فريق ثالث والذي يميل له البحث الحالي أن المنهج الرقمي هو محاولة لرقمنة المناهج بجميع عناصرها الأساسية المتعارف عليها بشكل عام (الأهداف ، المحتوى ، طرائق التدريس، أساليب التقويم) ، في حين يحصر آخرون مفهوم المنهج الرقمي في المحتوى المعرفي بعد معالجته ليصبح فاعلاً بدرجة عالية في تحقيق التعليم الذاتي للطالب من خلال الحاسب الآلي ( مجلة المناهج ،2002،21).
ورقمنة المناهج Digitalization Curriculum : يقصد بها الباحث في البحث الحالي هو تحويل المعلومات والمفاهيم العلمية والتعميمات والنظريات والقوانين والنصوص والأشكال والأصوات والتجارب وغيرها من مكونات منهج العلوم إلى سلاسل الصفر والواحد ( وفقاً لنظام الأعداد الثنائي الذي يعمل على أساسه الكمبيوتر ونظم المعلومات ) حتى تصبح قابلة للمعالجة الآلية والانصهار والدمج في الوسائط المتعددة المختلفة ؛كما تشمل عملية الرقمنة تقنيات متقدمة لانسيابية تدفق المعلومات المرئية والسمعية بأسلوب الاتصال المباشر بحيث يمكن دمجها فور بثها في الخدمات التي تقدمها مواقع الإنترنت ، والتي يستفيد منها كل من الوسيط الرقمي والمتعلم للمنهج (نبيل علي ، نادية حجازي ،2005،134) .
و يؤكد (عبد الله الهدلق،1420هـ) أنه في عصر المعلومات والاتصال ، بإمكان الطلاب من كل الأعمار وعلى اختلاف قدراتهم أن يتعاملوا بصرياً visualize مع المعلومات ، وأن يتفاعلوا معها من خلال ما يقدمه المنهج الرقمي من مفاهيم علمية بتوظيف تقنية المعلومات ، ويوضح ذلك من خلال المثال التالي: بإمكان فصل دراسي يدرس الطقس ، على سبيل المثال ، أن يرى صور أقمار صناعية محاكية مبنية على نموذج لظروف أرصادية افتراضية .وسيطرح الطلاب أسئلة "ماذا لو؟" ،مثل ما الذي يحدث لطقس اليوم التالي لو زادت سرعة الرياح بمقدار 50 كيلو في الساعة " .وسينمذج الحاسب النتائج المتوقعة ، عارضاً على الشاشة المنظومة المناخية المحاكية كما قد تبدو من الفضاء.
وفي ضوء ذلك يرى (بدر الصالح ،2002، 23) أن المنهج الرقمي يمثل شكلاً جديداً من أشكال الاتصال بين معرفة الخبير والمتعلم . وبدلاً من المنهج التقليدي الذي يحصل عليه المتعلم غالباً عن طريق الاتصال بالكتاب والمعلم ، أصبح هذا الاتصال رقمياً من خلال الشبكة المعلوماتية أو من خلال وسيط رقمي آخر مثل الأقراص المدمجة .
إن المنهج الرقمي كنموذج تربوي جديد كما يشير كل من (Tnilling & Hood,1999,PP5-17) يعتمد على دمج ثلاثة عناصر رئيسية تقوم حالياً بتوجيه وتشكيل هذا النموذج بدرجات متفاوتة تبعاً لمدى اندماج هذه العناصر وهي : الطلب الجديد والمتزايد لمهارات جديدة للعمل في عصر المعرفة ، والإمكانات الهائلة التي تقدمها تقنية المعلومات والاتصالات ، وتغير النظرة حول الكيفية التي تحدث بها عملية التعلم .
ويحدد مشروع المناهج الرقمية بوزارة التربية والتعليم بالمملكة العربية السعودية ، الإدارة العامة للمناهج ، والمعروف بمشروع "وطني نت" أهداف المناهج الرقمية في الآتي (وزارة المعارف ،2000،32) :
1ـ توفير بيئة تعليمية غنية بالمصادر .
2ـ إعادة صياغة الأدوار التي تتم بها عملية التعليم والتعلم بما يتوافق مع مستجدات الفكر التربوي .
3ـ إيجاد الحوافز وتشجيع التواصل بين منظومة العملية التعليمية كالتواصل بين البيت والمدرسة ، والمدرسة والبيئة المحيطة .
4 ـ نمذجة التعليم وتقديمه في صورة معيارية . فالدروس تقدم في صورة نموذجية والممارسات التعليمية المتميزة يمكن إعادة تكرارها .
5ـ تناقل الخبرات التربوية من خلال إيجاد قنوات اتصال ومنتديات تمكن جميع المهتمين بالعملية التعليمية من المناقشة وتبادل الآراء والتجارب بما يحقق تطوير المناهج الدراسية بصفة خاصة والعملية التعليمية بصفة عامة .
6ـ إعداد أجيال من المعلمين والطلاب قادرين على التعامل مع التقنية ومهارات العصر .
7ـ المساعدة على نقل التقنية في المجتمع وتوظيفها بما يحقق النمو والتقدم العلمي .
مما سبق يخلص البحث الحالي إلى تعريف للمنهج الرقمي Digital Curriculum: "هو شكل من أشكال التعليم الإلكتروني ، وهو مجموعة الخبرات التربوية والعلمية التي يتم توفيرها للمتعلم عن طريق الإمكانات الهائلة التي تقدمها تقنية المعلومات والاتصالات ، وهو يمثل شكلاً جديداً من أشكال الاتصال بين معرفة الخبير والمتعلم ويكون هذا الاتصال رقمياً من خلال شبكة المعلومات أو من خلال وسيط رقمي آخر مثل الأقراص المدمجة" .
تصـميم المنهـج الرقمي :
يجمع بعض صانعي المناهج ومطوريها أمثال (Mckenzie,2000,P.5) أن المنهج الرقمي يدعم الثقافة المعلوماتية للمتعلمين ويساعد على إعدادهم وتهيئتهم لعالم موجه بالتقنية ، إذا أحسن تصميمه وتطويره .
المعايير التي في ضوئها يتم تصميم المنهج الرقمي :
وحتى يتحقق هذا تم وضع مجموعة من المعايير التي في ضوئها يتم تصميم المنهج الرقمي وهي (وزارة المعارف ،2002،24-25) :
أولاً : أن يكون تطوير المنهج ضمن خطة شاملة معتمدة على التقنية ، تأخذ في الحسبان العناصر الرئيسية التالية :
· أن يخضع تصميم المنهج الرقمي وتطويره لمبادئ التصميم التعليمي المعتمدة على نظرية أو فلسفة معينة تلبي حاجات متعلمين معينين ومنهج دراسي معين .
· تدريب المعلمين لتوظيف المنهج الرقمي في التعلم من منظور مختلف كلياً عن المنهج التقليدي الذي خبرة .
· إدخال التعديلات المطلوبة لتيسير دمج المنهج الرقمي في تعليم العلوم .
ثانياً: إذا صمم محتوى المنهج الرقمي بحيث :
·لا يجبر المتعلم على إتباع مسار محدد ، وإنما يمكنه من التحكم بتسلسل في محتوى المنهج .
·يقدم المفاهيم العلمية على هيئة مهام هادفة ومشكلات ذات علاقة بالعالم الواقعي .
·يتمحور حول مفاهيم أساسية تركز على الفهم المتعمق وإستراتيجيات البحث وليس تغطية محتوى كبير واسع .
ثالثاً: يحفز الطلاب على المشاركة الفعالة في الأنشطة العلمية لتعلم مفاهيم المنهج وذلك من خلال:
·أن يكون الطالب مسؤولاً عن تعلمه من خلال البحث عن المعرفة والفهم الموجه بأسئلة وقضايا تعتمد على فضول الطالب وافتراضاتهم منطلقاً لهذا البحث .
·أن يشعر الطالب بالإثارة والدافع في حل المشكلات التي يقدمها المنهج الرقمي . هذا الشعور مبني على نشاط تفاعلي يشعر الطالب بأهميته وقيمته .
·أن يشجع المنهج الرقمي الطالب على الاختيارات الفاعلة المتعمقة لإستراتيجيات البحث والحل .
·أن يتعلم الطالب من خلال التعامل مع مهام تعلم حقيقية وتكاملية .
ويتبع في تصميم دروس العلوم وفقاً للمنهج الرقمي نموذج التعلم الذاتي في التصميم السلوكي والمعرفي ، الذي يبدأ بصوغ الأهداف ، وتحليل المحتوى العلمي ، واختيار الطرائق والإستراتيجيات واستخدامها ، وإجراء التطبيقات والتدريبات والتقويم البنائي لبناء التعلم ، والتقويم التراكمي للتقدم التدريجي خطوة خطوة ، حتى تكتمل الأهداف والأغراض الدراسية في نهاية الدرس كما يقيسها الاختبار (أحمد الدبسي،2002،99)
ويحدد (حسام مازن ،2004،46) ست مراحل /خطوات رئيسية لمنظومة منهج تعليمي إلكتروني (المنهج الرقمي) هي :
1. تحديد وتحليل المادة العلمية إلى مجموعة من الأطر الصغيرة التي يسهل تعلمها.
2. صياغة الأهداف التعليمية السلوكية في عبارات قابلة للملاحظة والقياس .
3. جمع محتويات المادة العلمية وإعداد التصميمات الخاصة بالبرمجة الإلكترونية .
4. كتابة البرنامج وإعداده حاسوبياً .
5. تجريب البرنامج المحوسب ثم تعديله في ضوء التطبيق المبدئي .
6. الوصول بالبرنامج إلى الصيغة النهائية القابلة للتطبيق والتعميم .
أما (نبيل علي ،نادية حجازي ،2005،111) يشترطان عند تصميم المحتوى الخاص بالتعلم الإلكتروني المرتبط بالمنهج الرقمي تحقيق المعايير التالية :
1ـ إلا يكون المنهج قياسياً، ثابتاً ومحدداً ، يصلح لكل بيئات الفصول ومستويات العقول . من جانب أخر يتطلب النمو المتسارع للمعرفة العلمية أن يتسم المنهج بالدينامية في سرعة توظيف المعارف والخبرات المكتسبة وإحلالها بأخرى جديدة .
2ـ أن يكون محتوى المنهج ذا بعد معرفي وأخلاقي ، وعدم حرمان المتعلم من معارف ربما تكون حيوية بالنسبة إلى تنميته ذهنياً ومطالب حياته العلمية .
3ـ ضرورة تركيز المحتوى العلمي للمنهج على المفاهيم الأساسية والأفكار العلمية المحورية ، وهذا يتطلب من مصممي محتوى المنهج الإلمام بأسس نظرية المعرفة ومهارات استخدام مخططات المفاهيم Conceptual graphs والشبكات الدلالية Semantic nets .
4ـ أن يتم بناء محتوى المنهج على هيئة وحدات معرفية صغيرة Modules مما يجعل المادة التعليمية ذات قابلية للتشكيل لتلبية المطالب التعليمية المختلفة .
5ـ تجسيد المفاهيم المجردة في هيئة المحسوس وذلك من خلال أساليب "الترئية" Visualization التي تتيحها تقنية المعلومات.
ونخلص في هذا الجانب إلى أن تصميم المنهج الرقمي يجب : أن يحقق التحول من بيئات تعلم مغلقة معتمدة المنهج التقليدي والمعلم والكتاب كمصادر وحيدة للمعرفة العلمية ، وموجهة بوساطة المعلم ، إلى بيئات تعلم مفتوحة ومرنة وغنية بالمصادر التقنية الموجهة بوساطة المتعلم . بيئات تعلم لا تعتمد على التقنية فقط ، وإنما على نظرية تربوية في بناء المناهج ، وأفكار تربوية في طرق التدريس التي يمكن أن توجه من خلال التطبيقات التقنية في تعلم العلوم ووفق خطوات أو مراحل علمية.
الأساس النظري والفلسفي (النظرية) الذي يعتمد عليه تصميم المنهج الرقمي:
إن التقنية بذاتها لا تدرَس ، وإنما المعلم (أو المصمم) هو الذي يقوم بذلك ، وبعبارة أخرى ، إن الأساس النظري والفلسفي هو الذي يحدد أسلوب تصميم المنهج الرقمي وبنائه وتطويره ، وسيعرض الباحث نموذجين لدور التقنية في التعليم ليحدد النظرية الذي يتبناها البحث الحالي في تصميم المنهج الرقمي وهما :
النموذج الأول : أثرت المدرسة السلوكية فى التربية والتعليم إلى درجة كبيرة . في هذا النموذج تستخدم التقنية كوسائط ( أو المعلم ) لنقل التعليم . بهذا الأسلوب تخزن المعلومات في التقنية خلال العملية التعليمية ، يستقبل المتعلم المعلومات ويحاول فهم المحتوى المخزن فيها خلال تفاعله معه . هذا التفاعل لا يتجاوز ضغط أزرار معينة لكي يستمر عرض المعلومات أو الاستجابة لأسئلة معينة غالباً ما تكون حول مدى صحة الاستجابة . وحتى وقت قريب كان أغلب التقنيات التي أُنتجت واستخدمت في التعليم هي مواد مسبقة التصميم بحيث لا يترك للمتعلم أو المعلم أية فرصة للتحكم ، هذا النموذج سلوكي: المعلم ( أو أي وسيط آخر ) يقدم مثيراً يتطلب استجابة يعقبها تعزيز . أي التقنية في هذا النموذج تستخدم كأداة للتعليم .
النموذج الثاني : رغم وجود النظرية البنيوية منذ أكثر من مائة عام ، إلا أنها وجدت قبولا في السنوات الأخيرة من قبل صانعي المناهج ومطوريها ، نظراً لإمكانات التقنية الهائلة التي يمكن من خلالها تفعيل مفاهيم هذه النظرية وافتراضاتها ، إضافة إلى أن لا يمكن للمعلم أن يقوم بأدواره التقليدية في بيئة تعليمية متعددة وغنية بالمصادر التقنية . وتستخدم التقنية في هذا النموذج كأداة لتيسير استقصاءات المتعلم في بيئة غنية بالمصادر تقدم المحتوى العلمي ضمن سياقه الحقيقي، والمعرفة ليست منتجاً ينقل للمتعلم ، وإنما نشاط تفاعلي يدعم بواسطة التقنية ،ويصبح المعلم ميسراً للتعلم . في هذا النموذج أصبح التعلم وليس التدريس هو الجزء الحيوي من التربية ، ويتحول التركيز من المدخلات إلى المخرجات ، أي التقنية في هذا النموذج تستخدم كأداة لبناء التعلم (بدر الصالح،2000،23) .
ولعل من أهم مضامين النظرية البنائية ، عدم استخدام التقنية كأداة للتعليم ، وإنما استخدمها كأدوات لبناء التعلم ، ويتضح ذلك في المبادئ والأسس التي ترتكز عليها تلك النظرية ونماذجها التدريسية ؛ والتي يمكن إجمالها فيما يلي (رجب الميهي،2003،3) :
1ـ ضرورة بدء الموقف التعليمي بتهيئة حوافز مثيرة للطالب تدفعه لأن يقبل على التعليم بشغف ورغبه .
2ـ يجب على المعلم صياغة عدد محدد من الأهداف التعليمية التي يجب أن يحققها الطلاب بعد دراستهم للمواد التعليمية المتنوعة ، وممارستهم للأنشطة التعليمية المتعددة المقترحة لكل موضوع.
3ـ لابد من عرض المحتوى العلمي لكل موضوع بأشكال مختلفة ؛ لفظياً ، وبالاستعانة بالصور الثابتة والمتحركة ، والرسوم التخطيطية والتوضيحية ،وبالاستعانة بالرياضيات، وبالكمبيوتر …وغيرها ، مما يساعد الطلاب على استيعاب ذلك المحتوى .
4ـ يجب تحديد الأنشطة التعليمية التي سينفذها الطلاب ، شريطة أن تكون تلك الأنشطة على درجة كبيرة من التنوع .
5ـ التأكيد على الدور الإيجابي الفعال للطلاب أثناء عملية التعلم ، من خلال قيام الطلاب بالعديد من الأنشطة التعليمية ضمن مجموعات أو فرق عمل .
6ـ يجب التركيز على التعلم التعاوني التفاعلي انطلاقاً من أن الطالب يبني خبراته بشكل أفضل من خلال تعاونه وتفاعله مع غيره من الطلاب .
7ـ يجب توفر وسائل تقويم مناسبة تساعد في التحقق من حدوث التعلم لدى الطلاب.
8ـ لابد أن يصل الطالب في تعلمه إلى مستويات متقدمة في التحصيل والإنجاز .
من خلال عرض النموذجين السابقين والمبادئ والأسس التي تبنى عليها النظرية البنائية ونرى أن أنسب النموذجين في بناء وتصميم المنهج الرقمي وتطويره هو النموذج الثاني الذي يعتمد على النظرية البنيوية ، وذلك يرجع إلى ما يلي:
1ـ في بيئة التعلم البنيوية يكون المتعلم نشطاً، وتستخدم التقنية كأداة لتيسير استقصاء المتعلم في بيئة غنية بالمصادر تقدم المحتوى ضمن سياقه الحقيقي في هذه البيئة ، المعرفة ليست شيئاً (أو منتجاً) ينقل للمتعلم ، وإنما نشاط تفاعلي (عملية) يدعم بواسطة التقنية . ويوجَه المتعلم تعلمه مستعيناً بمصادر التقنية ، ويصبح المعلم ميسراً للتعلم ، كما يصبح التعلم وليس التدريس هو الجزء الحيوي من التربية ، أي تحول التركيز من المدخلات إلى المخرجات .
2ـ إن نظرية التعلم البنيوية تقدم علاجاً لمشكلتين رئيستين في التعلم هما: مشكلة الحافز ومشكلة نقل التعلم إلى مواقف جديدة من خلال تقديم مهام التعلم في مواقف حقيقية ونشاطات تفاعلية يقوم فيها المتعلم بدور نشط ويتحكم بتعلمه ويوَجه هذا التعلم (بدر صالح ،2002،24).
3ـ إن إدارة المتعلم لتعلمه ذاتياً تساعده على أن يشارك في التخطيط لتعلمه ويختار وينفذ ويتدرب على إستراتيجيات التعلم والتقويم الذاتي لخطط تعلمه وبذلك يصبح متعلماً منظماً ذاتياً للمعرفة Self-Regulated Learner يقوم بإنجاز مهامه مدفوعاً برغبته الذاتية وكفاءة فاعلة (Wolters,2003,189) .
4ـ إن من أهم مضامين النظرية البنيوية هو عدم استخدام التقنية كأداة للتعليم ، وإنما استخدامها كأدوات لبناء التعلم ، أدوات يتعلم الطالب معها وليس منها ؛ وهذا يتطلب تحولاً في دور التقنية التقليدية إلى التقنية كشريك في عملية التعلم .