الأربعاء، مايو 04، 2011

مادة العلوم ومفهوم تدريسها بين الايجابيات والسلبيات

مادة العلوم ومفهوم تدريسها بين الايجابيات والسلبيات

     كلمة العلم بصفة عامة تشمل كل ما يمكن إن يصل إليه الفرد الباحث عن طريق التفكير العلمي بمعنى تحديد المشكلات والبحث عن الحقائق ووضع الفروض واختيار صحة هذه الفروض والوصول بها إلى نتائج منطقية بدون فرض الرأي الشخصي والتمسك بالرأي الواحد.. يعني الوصول إلى الهدف بالعقل المفتوح والفكر المفتوح والاستعداد لتغيير الحقيقة إذا ثبت أو إذا استجد ما يدل على أنها تحتاج إلى تغيير أو تبديل أو استبدال..
 
هذا هو العلم وسواء كان الوصول في ميدان علوم طبيعية أم ميدان علوم اجتماعية ولكن الاصطلاح الأكثر تحديداً هو إننا - نطلق كلمة علوم بصفة عامة على العلوم الطبيعية التي تتعلق بالظواهر.. كالفيزياء والكيمياء والبيولوجي والفلك والجيولوجيا وكل الجوانب التي تتميز بالنواحي الاجتماعية والإنسانية الأخرى مثل الاقتصاد والاجتماع والفلسفة والانسفلوجيا أننا ننظر إلى العلم وتدريس العلوم ومناهج العلوم بشكل تقليدي بمعنى بعده عن مجالات التخصص فعندما أدخلنا العلوم الحديثة في مدارسنا منذ القرن الماضي فقد دخل في الحسبان التخصص في الدراسات العليا واليوم فنحن لم نعد ننظر للعلوم للتخصص للدراسات العليا لأننا ندرس العلوم في التعليم العام لتكوين المواطن المثقف الذي يفهم عصره ويفهم قيمة العلم في حياة الإنسان وفي حل مشكلات المجتمع وفي تفكيره وفي أسلوب حياته الخاصة والعامة وما إلى ذلك. ما هو الجديد إذن في تدريس العلوم حالياً؟ الجديد هو هذه النظرة الشاملة الجديدة في ضوء تعديل الأهداف لتدريس العلوم وفهم الوظيفة الاجتماعية للعلم وأثرها في تكوين المواطن في اختيار المحتوى للمنهج وأيضاً تختار أساليب التعليم التي تساعد على تحقيق هذه الأهداف التربوية.. نعدل في الكتب المدرسية ونعدل في الوسائل التعليمية ونعدل في طريقة التقويم وطريقة الامتحانات وطريقة اختيار مدى تحقيق الأهداف التي بدأنا بها. فالنظرة الشاملة الجديدة التي نعتبرها أساسا لتطوير تدريس العلوم وهي التي تأخذ منها المجهود الكبير على الصعيد المحلي في كل دولة وعلى صعيد المؤتمرات والحلقات التي تعقد. إذا تناولنا علم مثل الكيمياء أو البايولوجيا مثلاً نجد إن الأسلوب القديم أو التقليدي هو مسايرة علم الكيمياء فكل علم من العلوم له نظام معين وترتيب معين وهيكل معين فنحن في المناهج التقليدية نهتم بالمادة وبالعلم أكثر مما نهتم بالمتعلم.. نهتم بالمادة نفسها وأسلوبها ونظامها سواء كان طفلاً أم شاباً فالمتعلم الذي نعلمه لا نهتم به قدر اهتمامنا بالعلم نفسه ونظام العلم وترتيب العلوم وهذه الأشياء تكون غير مفيدة للطفل نفسه فعندما نعلمه ما هي الكيمياء ونظام الكيمياء مبتدئاً بالذرة والعنصر المركب والمخلوط والفلزات فهو يشعر إن هذا بعيد عن حياته .. إنما عندما نهتم بالمتعلم ونهتم بحاجاته ونهتم بالمجتمع ومشكلاته.. ونبدأ بإثارتها وإثارة اهتمام التلميذ بها.. نبدأ نفكر فيها ونرجع إلى العلم سواء كان كيمياء أم فيزياء أم بيولوجيا أم فلك أم غيره.. نلجأ إلى ما وصل إليه العلم من حقائق ومن تجارب ونلقي الأضواء على المشكلة أو على الموقف والذي يود المتعلم أن يحس به وبذلك يستطيع إن يدرك ثمة علاقة بين الحقائق التي نقدمها له وبين حياته الطبيعية وفي التطبيق كيف يكون في هذه الحياة ويعدل من سلوكه وتتحقق عندنا الأهداف التربوية التي نحن نريدها. ففي البداية كان يتلقى العلم على كره منه وفي الثاني يكون متشوقاً إلا انه يعرف هذه الحقائق لكي يستفيد منها ومن تطبيقاتها في حياته وترسخ معه طول حياته لا ينساها ويستفيد منها ويتوجه سلوكه واتجاهاته العقلية وما إلى ذلك. يقال إن التقدم العلمي هو تقدم سريع وبعض المكتشفات الحديثة أصبحت عبئاً على الطلبة وعلى تدريس العلوم بحيث أصبح الطالب لا يستطيع إن يلاحق كل هذه المكتشفات وكل هذا التقدم.. ما صحة هذا القول؟ الواقع انه كان قديماً يؤخذ عن الفيلسوف في القرون الوسطى في حياته انه كان يستطيع الإلمام بجميع فروع علوم المعرفة في عصره العالم الفيلسوف هو رجل فيلسوف ورياضي وفلكي وأيضا يتحدث عن المادة والتفاعلات التي تحدث وعن ما هو معروف(دائرة معارف مثلاً) ولكن العلم في هذا العصر وبعد الحرب العالمية الثانية أصبح عصرا يتميز بما يسمى بالانفجار في المعرفة فنمو المعرفة نمواً سريعاً ويقال إن كمية المعلومات أو الحقائق تتزايد وتتضاعف كل 15 سنة ولا يمكن أبدا لإنسان فرد إن يلم حتى في تخصصه المحدود بكل الحقائق المتصلة بهذا التخصيص الضيق فما بال كل العلوم ولذلك حتى النظرة إلى المناهج والتعليم أنها يجب إن تتغير في هذا التطور فنحن لا نستطيع إن نعلم التلميذ أو الشباب كل ما هو مستجد في العلم ولابد إن يكون هناك اختيار فماذا نختار؟ فالتفاصيل كثيرة ونحن نركز على الراتجات الحديثة في المفاهيم الكبرى للعلم وتركيزنا على المفاهيم أمر ضروري لكونها تبرز أمثلة عن بعض الحقائق التي توضح معنى هذا المفهوم وتجعل هذا المفهوم ينمو تدريجياً مع المتعلم في مراحل التعليم المختلفة فنحن نعطي للطالب أمثلة عن بعض الحقائق التي توضح معنى هذا المفهوم وهل هذه تكون مهمة وضع المناهج فعلاً؟ نحن نضع المناهج في ضوء هذه المفاهيم المتكاملة مع الربط مع الإلحاح على ربط هذه المفاهيم بالحياة وبالبيئة ومكونات البيئة وأسلوب الحياة في المجتمع وبيئته. وعلى ذلك رغم إن العلم في حقائقه وحدة واحدة في كل بلد من بلدان العالم وفي كل زمان ومكان فتطبيقات هذه الحقائق تختلف حسب البيئة وحسب الظروف والتي ينشأ فيها المتعلم ويتواجد فيها فنحن إذن نريد إيجاد ترابط بين هذه الحقائق وبين تطبيقها في حياته وحتى يبقى لها قوة الفاعلية في توجيه هذه الحياة .. فالعلم سلوك مشبع بالقيم الحقيقية العلمية في حد ذاته لا هي خير ولا هي شر.. هي حقيقة من حقائق العلم.. هي حقيقة مجردة وإنما استخدام هذه الحقيقة يرتبط ارتباطاً بالقيم والسلوك في ضوء هذه الحقيقة مرتبطة بالقيم التي نريد إن نكونها لدى المتعلمين.
نقلا عن: ماجدة محمد علي 

هناك 4 تعليقات: