إدارة وقت التعليم
بذهب طلابنا إلى المدرسة في الصباح الباكر ويعودون قبل العصر, فهل يقضون كل هذا الوقت في التعلم؟ أم أن الوقت الحقيقي المخصص للتعليم الفعال هو جزء قليل من اليوم الدراسي. وكم من هذا الوقت القليل يخصص للتعليم الإبداعي, وتنمية التفكير والتفكير المتباعد, والعمليات العقلية العليا, والتعليم المبني على استراتيجيات حديثة, مثل: حل المشكلات والتعليم المتمايز والاستقصاء والتعليم التعاوني والتعليم وفق الذكاءات المتعددة والتعليم وفق قبعات التفكير والكورت ... وما مدى ارتباط التعليم بالحياة ومهاراتها ومتطلباتها المختلفة؟ وكيف يوظف المعلمون أوقاتهم وأوقات طلابهم في المدرسة؟ وما هي أولوياتهم أثناء وجودهم فيها؟.هذه الأسئلة وغيرها كثير هي موضع تساؤل مثير وحقيقي وبحاجة إلى نظرة فاحصة مستبصرة قبل الإجابة عنها. ثم إن الوقت الذي يعتقد أنه يستغل للتعليم, هل يؤدي إلى النتيجة المطلوبة والمرجوة؟ أم أنه ناتج تعليمي تقليدي مرتبط بالامتحانات, وإعادة عكس الحقائق والمعلومات والتعميمات( التي حفظها الطلبة عن ظهر قلب ) على الورق مرة أخرى, والاستمرار على هذه الشاكلة الهشة حتى نهاية مراحل التعليم المختلفة.
أثبتت الدراسات أن عدد ساعات العمل الخالص في الدول المتخلفة والنامية, لا تتجاوز ساعة واحدة في اليوم, بينما تصل إلى أكثر من ست ساعات في الدول المتقدمة. وإذا ثبت هذا الهدر الكبير في قطاع التعليم وهذا ليس بمستبعد, ويستدل عليه من خلال النتائج المحزنة التي نراها , فإنه يمكننا القول ببساطة أن مصيبة التعليم تكمن في ضياع الوقت المخصص له بدون فائدة. علما بأن الوقت مورد غير متجدد كما هو معروف, وإن حسن استغلاله يزيد من قيمته, ( الوقت هو المال ).
هذه الأهمية للوقت تستدعي من المعلمين أن يغيروا نظراتهم ومعتقداتهم واتجاهاتهم نحوه وأساليبهم في إدارته والاستفادة القصوى منه, ضمن خطة راشدة يعيها المعلم بحس مستنير, مع ضرورة المراقبة والمتابعة لكيفية استغلال أوقات التعليم وأنشطته المختلفة من المسؤولين المباشرين عن التعليم والإدارة التربوية العليا.
من الأسباب المباشرة لضياع وفقدان وقت التعليم:عدم تعبئة شاغر المعلم بالتعيين في الوقت المناسب, وغياب المعلم, وجلوسه في الصف بدون عمل بشكل جزئي أو كلي, والحديث الجانبي مع الطلبة في أمور لا تتعلق بالأهداف, وضياع الوقت في إجراءات ضبط الصف وحل المخالفات والسلوكات المزعجة, والقيام بأعمال يفترض في المعلم القيام بها خارج الغرفة الصفية, إضافة إلى كثير من الأسباب المباشرة وغير المباشرة التي لا يتسع المجال لذكرها. ولكن من المهم القول أن حرص المعلم وإخلاصه في مهنته وحبه لها, وتقوى الله, كلها شروط أساسية تؤدي إلى ازدهار وفاعلية التعليم وتعظيم مردوديته على عقليات طلابنا وتنميتها وتطويرها وتعزيز وغرس قيمة الوقت في نفوسهم .
وهذا يستدعي التفكير جديا في تدريب المعلمين على إدارة الوقت واستثماره, والحد من الهدر ومعالجة ملوثاته وتنمية مهارات تخطيطه لديهم, وعدم التسويف والتأجيل في واجبات المعلم نحو طلابه, وتفعيل الأوقات البينية بما يخدم العملية التعليمية التعلمية, والوصول بكل طالب إلى أقصى ما تستطيعه قدراته, حتى نصل في النهاية إلى تعليم متطور ومجتمع متقدم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق